2 ـ النبوة لطف
إن الإنسان
مخلوق غريب الأطوار، معقد التركيب في تكوينه و في طبيعته و في نفيسته و في عقله،
بل في شخصية كل فرد من افراده، و قد اجتمعت فيه نوازع الفساد من جهة، و بواعث
الخير والصلاح من جهة اُخري، فمن جهة قد جبل علي العواطف و الغرائز، من حب النفس
والهوي و الأثرة و إطاعة الشهوات، و فطر علي حب التغلب والاستطالة و الإستيلاء علي
ما سواه، و التكالب علي الحياة الدنيا و زخارفها و متاعها كما قال تعالي: «إن
الإنسان لفي خسر» و «إن الإنسان ليطغي. إن رآه استغني» و «إن النفس لأمارة بالسوء»
إلي غير ذلك من الآيات المصرحة و المشيرة إلي ما جبلت عليه النفس الإنسانية من
العواطف و الشهوات.
ومن الجهة
الثانية خلق الله تعالي فيه عقلاً هادياً يرشده إلي الصلاح و مواطن الخير و ضميراً
وازعاً يردعه عن المنكرات و الظلم و يؤنبه علي فعل ما هو قبيح و مذموم.