المعين بوجود
من يصلح للنبوة و الرسالة، مع أنه لا عل لاحد بذل إلاّ بتعيين الله تعالي، مع
اقامة البينات و المعجزات، كما أنه لا مجال لتربيته؛ لأن تأديب شخص للنبوة لا
يتأتي عن الناس، الذين لا يعلمون بموقع النبوة و الرسالة، فالنبوة و الرسالة سفارة
إلهية تتعين من ناحية تعالي، ولا سبيل للعلم بها إلاّ من جانبه تعالي.
و أيضاً بعد
تعيين الله تعالي لا خيرة لغيره فيما اختاره الله عزّوجلّ؛ لأنه أعلم بمن يكون
قابلاً لذلك المقام، فعلي الناس الطاعة و التبعية.
و بالجملة إن
النبوة سفارة، و النبي سفير، و أمر السفير لا يكون إلاّ بيد من أرسله ولا خيرة
لأحد فيه.
قال الصادق ـ
عليه السلام ـ في جواب زنديق سأله من أين أثبت الأنبياء و الرسل؟ قال: «إنا لما
أثبتنا أن لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنا، و عن جميع ما خلق، و كان ذلك الصانع
حكيماً متعالياً لم يجز أن يشاهده خلقه، ولا يلامسوه، فيباشرهم و يباشروه، و
يحاجهم و يحاجوه، ثبت أن له سفراء في خلقه، يعبرون عنه إلي خلقه و عباده و يدلونهم
علي مصالحم و منافعهم، و ما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون و الناهون عن
الحكيم العليم في خلقه، و المعبرون عنه جل و عز، وهم الأنبياء ـ عليهم السلام ـ
وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبين بالحكمة، مبعوثين بها، غير مشاركين للناس ـ علي
مشاركتهم لهم في الخلق و التركيب ـ في شيء من أحوالهم، مؤيدين من عند الحكيم
العليم بالحكمة، ثم ثبت ذلك في كل دهر و زمان مما أتت به الرسل و الأنبياء من
الدلائل و البراهين، لكي لا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل علي صدق
مقالته، و جواز عدالته» (1).