واحدة مشکّکة ذات مراتب مختلفة.

واُجيب عن الشبهة بأنّها مبنيّة علي انتزاع مفهوم واحد من مصاديق کثيرة متباينة بما هي کثيرة متباينة و هو محال.

برهانٌ آخر: لو تعدّد الواجب بالذات و کان هناک واجبان بالذات مثلاً کان بينهما الإمکان بالقياس من غير أن يکون بينهما علياقة ذاتيّة لزوميّة ، لأنّها لا تتحقّق بين الشيئين إلّا مع کون أحدهما علّةً والآخر معلولاًَ أو کونهما معلولين لعلّة ثالثة، والمعلوليّة تنافي وجوب الوجود بالذات.

فإذن لکلّ واحد منهما حظُّ من الوجود و مرتبةٌ من الکمال ليس للآخر. فذات کلّ منهما بذاته واجدٌ لشيءٍ من الوجود و فاقدٌ لشيءٍ منه، و قد تقدّم أنّه ترکُّبٌ مستحيل علي الواجب بالذات.

برهانٌ آخر: ذکره الفارابيّ في الفصوص: «وجوب الوجود لا ينقسم بالحمل علي کثيرين مختلفين بالعدد، و إلّا لکان معلولاٌ».

ولعلّ المراد أنّه لو تعدّد الواجب بالذات لم تکن الکثرة مقتضي ذاته، لا ستلزامه أن لا يوجد له مصداق، إذ کلّ ما فرض مصداقاً له کان کثيراً والکثير لا يتحقّق إلّا بآحاد، و إذ لا واحد مصداقاً له فلا کثير، وإذ لا کثيراً فلا مصداق له، والمفروض أنّه واجب بالذات. فبق أن تکون الکثرة مقتضي غيره، و هو محال، لا ستلزامه الافتقار إلي الغير الذي لا يجامع الوجوب الذاتيّ.

الفصل السادس: في توحيد الواجب لذاته في ربوبيّته و أنّه لا ربّ سواه

الفحص البالغ و التدبّر الدقيق العلميّ يعطي أنّ أجزاء عالَمنا المشهود و هو عالَم الطبيعة مرتبطةٌ بعضها ببعض من أجزائها العلويّة و السفليّة و أفعالها