و انفعالاتها و الحوادث المترتّبة علي ذلک، فلا تجد خلالها موجوداً لا يرتبط بغيره في کينونته و تأثيره و تأثرّه، و قد تقدّم في مباحث الحرکة الجوهريّة ما يتأيّد به ذلک.
فلکلّ حادثٍ من کينونة أو فعل أو انفعال إستنادٌ إلي مجموع العالَم. و يستنتج من ذلک أنّ بين أجزاء العالم نوعاً من الوحدة، و النظام الوسيع الجاري فيه واحد، فهذا أصل.
ثمّ إنّ المتحصّل ممّا تقدّم من المباحث و ما سيأتي أنّ هذا العالم المادّيّ معلول لعالم نوريٍّ مجرّدٍ عن المادّة متقدّسٍ عن القوّة، و أنّ بين العلّة و المعلول سنخيّة وجوديّة بها يحکي المعلول بماله من الکمالِ الوجوديّ بحسب مرتبته الکمالَ الوجوديّ المتحقّق في العلّة بنحو أعلي و أشرف ، و الحکم جارٍ إن کان هناك علل عقليّة مجرّدة بعضها فوق بعض حتّي تنتهي إلي الواجب لذاته جلّ ذکره.
و يستنتج من ذلک أنّ فوق هذا النظام الجاري في العالَم المشهود نظاماً عقليّاً نوريّاً مسانخاً له هو مبدأ هذا النظام و ينتهي إلي نظام ربّانيّ في علمه (تعالي) هو مبدأ الکلّ، و هذا أيضاً أصل.
و من الضروريّ أيضاً أنّ علّةَ علّةِ الشيء علّةٌ لذلک الشيء، و أنّ معلولَ معلولِ الشيء معلولٌ لذلک الشيء. و إذ کانت العلل تننتهي إلي الواجب (تعالي)، فکلّ موجود کيفما فرض فهو أثره، و ليس في العين إلاّ وجود جواهر و آثارها و النسب و الروابط التي بينها، و لا مستقلّ في و جوده إلاّ الواجب بالذات، و لا مفيض للوجود إلاّ هو.
فقد تبيّن بما تقدّم أنّ الواجب (تعالي) هو المجري لهذا النظام الجاري في نشأتنا المشهودة و المدبِّر بهذا التدبير العامّ المظلّ علي أجزاء العالم، و کذا النظامات العقليّة النوريّة التي فوق هذا النظام و بحذائه علي ما يليق بحال کلّ منها
