الفصل الثاني: في بعض آخر مما اقيم علي وجود الواجب تعالي من البراهين
من البراهين عليه أنّه لا ريب أنّ هناک موجوداً مّا ، فإن کان هو أو شيءُ منه واجباً بالذات فهو المطلوب، و إن لم يکن واجباً بالذات و هو موجود فهو ممکن بالذات بالضرورة، فرجّح وجوده علي عدمه بأمرٍ خارجٍ من ذاته و هو العلّة، و إلّا کان مرجّحاً بنفسه فکان واجباً بالذات و قد فرض ممکناً، و هذا خلف. و علّته إمّا ممکنة مثله أو واجبة بالذات، و علي الثاني يثبت المطلوب، و علي الأوّل ينقل الکلام إلي علّته، و هلمّ جراً> فإمّا أن يدور أو يتسلسل، و هما محالان، أو ينتهي إلي علّة غير معلولة هي الواجب بالذات، و هو المطلوب.
واعُترِض عليه: بأنّه ليس بياناً برهانيّاً مفيداً ليقين، فإنّ البرهان إنّما يفيد اليقين إذکان السلوک فيه من المعلول إلي العلّة فلا يفيد يقيناً کما بيّن في المنطق. و لمّا کان الواجب (تعالي) علّة لکلّ ما سواه غيرَ معلولٍ لشيءٍ بوجهٍ، کان السلوک إلي إثبات وجوده- من أي شيءٍ کان سلوکاً من المعلول إلي العلّة غيرََ مفيدٍ لليقين، و قد سلک في هذا البيان من الموجود الممکن الذي هو معلوله إلي إثبات وجوده.
والجواب عنه: أنّ برهان الإنّ لا ينحصر فيما يسلک فيه من المعلو