برهانٌ آخر، أقامه الطبيعيّون أيضاً من طريق النفس الإنسانيّة . تقريره: أنّه قد ثبت فيما تقدّم في مباحث القوّة والفعل- أنّ المحرّک غير المتحرّک محرّک غيره، ولو کان المحرّک متحرّکاً فله محرّک أيضاً غيره ، ولا محالة تنتهي سلسلة المحرّکات إلي محرّکٍ غيرمتحرّکٍ دفعاً للدور و التسلسل. و هو لبراءتِهِ من المادّة و القوّة، و تنزُّهِهِ عن التغيّر و التبدّل ، و ثباتِهِ في وجوده، واجب الوجود بالذات أو ينتهي إليه في سلسلة علله.
برهان آخر، أقامة الطبيعيّون أيضاً من طريق النفس الإنسانية . تقريره: أنّ النفس الإنسانيّة مجرّدةٌ عن المادّة ذاتاً، حادثةٌ بما هي نفس بحدوث البدن، لا متناع التمايز بدون الأبدان و استحالة التناسخ کما بيّن في محلّه فهي ممکنة مفتقرة إلي علّة غير جسم و لا جسمانيّة؛ أمّاعددم کونها جسماً، فلأنّها لو کانت جسماً کان کلّ جسم ذا نفسٍ، وليس کذلک؛ وأمّا عدم کونها جسمانيّة، فلأنّها لو کانت جسمانيّة، سواء کانت نفساً اُخي أو صورةً جسميّةً أو عرضاً جسمانيّاً، کان تأثيرها بتوسّط الوضع، و لا وضع للنفس مع کونها مجرّدة، علي أنّ النفس لتجرّدها أقوي تجوهراً و أشرف وجوداً من کلّ جسم و جسمانيّ ، ولا معني لعلّيّة الأضعف الأخسّ للأقوي الأشرف.
فالسبب الموجد للنفس أمر وراء عالم الطبيعة و هو الواجب (تعالي) بلا واسطة أو بواسطة علل مترتّبة تنتهي إليه.
برهانٌ آخر، للمتکلّمين من طريق الحدوث. تقريره: أنّ الأجسام لا تخلو عن الحرکة والسکون و هما حادثان، و ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث،
