وفيه:أنّ نحو وجود النفس بما أنّها نفس أنّها صورة مدبّرة للبدن، فتدبير البدن ذاتيّ لها حيثما فرضت نفساً. فلا يؤول الجمع بين ذاتيّة العلوم لها و بين شاغليّة تدبير البدن لها عن علومها إلّا إلي المناقضة.

نعم، يتّجه هذا القول بناءً علي ما نسب إلي أفلاطون أنّ النفوس قديمة زماناً و العلوم ذاتيّة لها و قد سنح لها التعلّق التدبيريّ بالأبدان فأنساها التدبير علومها المرتکزة في ذواتها.

لکنّه فاسدٌ بما تحقّق في علم النفس من حدوث النفوس بحدوث الأبدان علي ما هو المشهور أو بحرکة جواهر الأبدان بعد حدوثها.

و ربّما وجّه القول بقدمها بأنّ المراد به قدم نشأتها العقليّة المتقدّمة علي نشأتها النفسانيّة. لکن لا يثبت بذلک أيضاً أنّ حصول العلم بالذکر لا بالانتقال الفکريّ من الأسباب إلي المسبّبات أو من بعض اللواطم العامّة إلي بعض آخر، کما تقدّم.

الفصل الخامس عشر: في انقسامات اخر للعلم

قال في الأسفار ما ملخّصه:"إنّ العلم عندنا نفس الوجود غير المادّيّ، و الوجود ليس في نفسه طبيعة کلّيّة جنسيّة أو نوعيّة حتّي ينقسم بالفصول إلي الأنواع، أو بالمشخّصات إلي الأشخاص، أو بالقيود العرضيّة إلي الأنصاف، بل کلّ علم هويّة شخصيّة بسيطة غير مندرجة تحت معني کلّيّ ذاتيّ.

فتقسيم العلم باعتبار عين تقسيم المعلوم لاتّحاده مع المعلوم أتّخاد الوجود مع الماهيّة، فعلي هذا نقول:أنّ من العلم ما هو واجب الوجود بذاته و هو علم الأوّل(تعالي)بذاته الذي هو عين ذاته بلا ماهيّة، و هو منه ما هو ممکن الوجود بذاته و هو علم جميع ما عداه. وينقسم إلي ما هو جوهر، کعلوم الجواهر العقليّة بذواتها،