فالقائل بالمفهوم لامحيص له إلاّ من إثبات هذه الأُمور الثلاثة، و يکفي للقائل بالعدم منع واحد منها. ثمّ إنّ دلالة الجملة الشرطية علي هذه الأُمور الثلاثة بأحد الوجوه التالية:
الوضع
ادّعاء وضع الهيئة علي ما يلازم هذه الأُمور الثلاثة: الملازمة، الترتب، الانحصار.
الانصراف
[37]: ادّعاء انصراف الجملة الشرطية في ذهن المخاطب إلي هذه الأُمور.
الإطلاق
ادّعاء أنّ المتکلّم کان في مقام بيان العلل ولم يذکر إلاّ واحداً منها، فيعلم انحصارها فتثبت الملازمة و الترتب بوجه أُولي.
أمّا إثباتها بالطريق الأوّل أي بالدلالة الوضعية، فالحق دلالة الجملة الشرطية علي الأمرين: الملازمة و الترتب، و ذلک لأنّ المتبادر من هيئة الجملة الشرطية هو أنّ فرض وجود الشرط و تقدير حصوله، يتلوه حصول الجزاء و تحقّقه و هذا مما لا يمکن إنکاره، و هو نفس القول بالملازمة و الترتب.
و أمّا إثبات الأمر الثالث، و هو انّ العلّية بنحو الانحصار بالدلالة الوضعية، فهو غير ثابت، لأنّ تقسيم العلّة إلي المنحصرة و غير المنحصرة من المفاهيم الفلسفية البعيدة عن الأذهان العامة فمن البعيد، أن ينتقل الواضع إلي التقسيم، ثم يضع الهيئة الشرطية علي قسم خاص منها و هي المنحصرة.