و أمّا إذا کان الأخسّ فرداً مادّياً لماهيّة فإنّما تفيد القاعدة أنّ الکمال الذي هو مسانخ له و أشدّ منه موجود قبله من غير أن تفيد أنّ ذلک الکمال الأشدّ فرد لما هيّة الأخسّ لجواز أن تکون جهة من جهات الکمال لاکثيرة في علّةٍ کثيرة الجهات کالإنسان مثلاً له فرد مادّي ذو کمال أخسّ و فوقه کمال إنسانيّ مجرّد من جميع الجهات أشرف منه لکن لا يلزم منه أن يکون إنساناً بالحمل الشائع لجواز أن تکون جهة من جهات الکمال الذي في علّته الفاعلة فينتج حمل الحقيقة والرقيقة.
نعم تجري القاعدة في الغايات العالية المجرّدة التي لبعض الأنواع المتعلّقة بالمادّة کالإنسان لقيام البرهان علي ثبوتها لذويها بالحمل الشائع إذا لم تصادف شيئاً من الموانع الطبيعيّة.
و ثانياً: أنّ القاعدة إنّما تجري فيما وراء المادّيّات و عالم الحرکات من المجرّدات التي لا يزاحم مقتضياتها مزاحم ولا يمانعها ممانع. و أمّا المادّيّات فمجرّد اقتضاء المقتضي فيها و إمکان الماهيّة لا يکفي في إمکان وقوعها بل ربّما يعوقها عائق.
فلا يرد أنّ القاعدة لو کانت حقّة استلزمت بلوغ کلّ فردٍ مادّيّ کالفرد من الإنسان غاية کمالها العقليّ و الخياليّ لکونها أشرف من الوجود الذي هو بالقوّة مع أن أکثر الأفراد محرومون عن الکمال الغائيّ ممنوعون عن الوجود النهائي.
الفصل الحادي و العشرون: في عالم المثال
و يسمّي أيضاً «البرزخ» لتوسّطه بي العالم العقليّ و عالم المادّة و الطبيعة. و هو کما ظهر ممّا تقدّم مرتبة من الوجود مجرّدة عن المادّة دون آثارها من
