و أمّا شيءٌ من المفاهيم المنتزعة من الوجود فالذي للواجب بالذات منها أعلي المراتب غير المتناهي شدّةً الذي لا يخالطه نقص و لا عدم و الذي لغيره بعض مراتب الحقيقة المشکّکة غير الخالي غير الخالي من نقص و ترکيب فلا مشارکة.
و أمّا حمل بعض المفاهيم علي الواجب بالذات و غيره کالوجود المحمول باشتراکه المعنويّ عليه و علي غيره مع الغضّ عن خصوصيّة المصداق و کذا سائر صفات الواجب بمفاهيمها فحسب کالعلم و الحياة و الرحمة مع الغضّ عن الخصوصيّات الإمکانيّة فليس من الاشتراک المبحوث عنه في شيء.
الفصل الثامن: في صفات الواجب بالذات علي وجه کلّي و انقسامها
قد تقدّم أنّ الوجود الواجبيّ لا يسلب عنه کمال وجوديّ قطّ فما في الوجود من کمالٍ کالعلم و القدرة فالوجود الواجبيّ واجدٌ له بنحو أعلي و أشرف و هو محمول عليه علي ما يليق بساحة عزّته و کبريائه و هذا هو المراد بالاتّصاف.
ثمّ إنّ الصفة تنقسم انقساماً أوّليّاً إلي ثبوتيّةٍٍ تفيد معني إيجابيّاً کالعلم و القدرة و سلبيّةٍ تفيد معني سلبيّاً و لا يکون إلاّ سلب سلب الکمال فيرجع إلي إيجاب الکمال لأنّ نفي النفي إثبات کقولنا: «مَنْ ليس بجاهل» و «مَنْ ليس بعاجز» الراجعَيْن إلي العالم و القادر. و أمّا سلب الکمال فقد اتّضح في المباحث السابقة أنّ لا سبيل لسلب شيء من الکمال إليه (تعالي). فالصفات السلبيّة راجعة بالحقيقة إلي الصفات الثبوتيّة.
والصفات الثبوتيّة تنقسم إلي حقيقيّةٍ کالحيّ و إضافيّةٍ کالعالميّة و القادريّة. و الحقيقيّة تنقسم إلي حقيقيّةٍ محضة کالحيّ و حقيقيّةٍ ذات إضافة کالخالق و الرازق.