و ربّما يظهر من بعضهم الميل إلي قول آخر و هو: أنّ معني إثبات الصفات نفي ما يقابلها فمعني إثبات الحياة و العلم و القدرة مثلاً نفي الموت و الجهل و العجز.
و يظهر من بعضهم أنّ الصفات الذاتيّة عين الذات لکنّها جميعاً بمعني واحد و الألفاظ مترادفة.
و الحقّ هو القول الأوّل و ذلک لما تَحقَّقَ أنّ الواجب بالذات علّة تامّة ينتهي إليه کلُِّ موجودٍ ممکنٍ بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط بمعني أنّ الحقيقة الواجبيّة هي العلّة بعينها و تَحقّقَ أيضاً أنّ کلّ کمال وجوديّ في المعلول فعلّته في مقام علّيّته واجدة له بنحو أعلي و أشرف فللواجب بالذات کلّ کمال وجوديّ مفروض علي أنّه وجودٌ صرْفٌ لا يخالطه عدم و تحقّق أنّ وجوده صرف بسيط واحد بالوحدة الحقّة فليس في ذاته تعدُّد جهةٍ ولا تغاير حيثيّةٍ فکلّ کمالٍ وجوديّ مفروضٍ فيه عين ذاته و عين الکمال الآخر المفروض له فالصفات الذاتيّة التي للواجب بالذات کثيرة مختلفة مفهوماً واحدة عيناً و مصداقاً و هو المطلوب.
و قول بعضهم: «إنّ علّة الإيجاد هي إرادة الواجب بالذات دون ذاته المتعالية» کلام لا محصّل له فإنّ الإرادة المذکورة عند هذا القائل إن کانت صفةً ذاتيّةً هي عين الذات کان إسناد الإيجاد إليها عين إسناده إلي الذات المتعالية فإسناده إليها و نفيه عن الذات تناقض ظاهر و إن کانت صفةً فعليّةً منتزعةً من مقام الفعل کان الفعل متقدّماًًًًًًًًًًًًًًً عليها فکان إسناد إيجاد الفعل إليها قولاً بتقدّم المعلول
