الفصل الحادي عشر: في العلم الحضوريّ و إنّه لا يختصّ بعلم الشيء بنفسه
قد تقدّم أنّ کلّ جوهرٍ فهو لتمام ذاته حاضرٌ لنفسه بنفسه و هويّته الخارجيّه ، فهو عالم بنفسه علماً حضوريّاً.
وهل يختصّ العلم الحضوريّ بعلم الشيء بنفسه أو يعمّه و علم العلّة بمعلولها و علم المعلول بعلّته؟ ذهب المشاؤون إلي الأوّل، و الأشراقيّون إلي الثاني و هو الحقّ. وذلک لأنّ وجود المعلول وجودٌ رابطٌ بالنسبة إلي وجود علّته قائمٌ به غير مستقلًّ عنه بوجه. فهو- أعني المعلول- حاضرٌ بتمام وجوده لعلّته غير محجوبٍ عنها، فهو بنفس وجوده معلوم لها علماً حضورياً إن کانا مجرّدين. وکذلک العلّة حاضرةٌ بوجودها لمعلولها الرابط لها القائم بها المستقلّ بإستقلالها، فهي معلومة لمعلولها علماً حضوريّاً إن کانا مجرّدين، وهو المطلوب.
و قد تقدّم أنّ کلّ علمٍ حصوليٍّ ينتهي إلي علمٍ حضوريّ. و من العلم الحصوليّ ما ليس بين العالم و المعلوم علّيّة و لا معلوليّة، بل هما معلولا علّةٍ ثالثة.
الفصل الثاني عشر
کلّ مجرّد فإنّه عقل و عاقل و معقول
أمّا أنّه عقلٌ، فلأنّه لتمام ذاته و کونه فعليّةٌ محضةٌ لا قوّة معها يمکن أن
