قلت: الوجه في ذلک ما تقدّم في الأبحاث السابقة أنّ کلّ نوع مجرّد منحصر في فرد. و لازم ذلک أن سلسلة العقول التي يثبتها البرهان و يثبت استناد وجود المادّيّات و الآثار المادّيّة إليها کلّ واحد من حلقاتها نوع منحصر في فرد و أنّ کثرتها کثرة طوليّة مترتبة منتظمة من علل فاعلة آخذة من أوّل ما صدر منها من المبدأ الأوّل إلي أن ينتهي إلي أقرب العقول من المادّيّات و الآثار المادّيّة. فتعيّن استناد المادّيّات و الآثار المادّيّة إلي ما هو أقرب العقول إليها و هو الذي يسمّيه المشّاؤون بالعقل الفعّال.
نعم الاشراقيّون منهم أثبتوا وراء العقول الطوليّة و دونها عقولاً عرضيّة هي أرباب الأنواع المادّيّة لکنّهم يرون وجود کلّ نوع بأفراد ها المادّيّة و کمالاتها مستنداً إلي ربّ ذلک النوع و مثاله.
و نظير البيان السابق الجاري في الصور العلميّة الکلّيّة يجري في الصور العلميّة الجزئيّة و يتبيّن به أنّ مفيض الصور العلميّة الجزئيّة جوهر مفارق مثاليّ فيه جميع الصور الجزئيّة علي نحو العلم الاجماليّ تتحد به النفس علي قدرما لها من الاستعداد فيفيض عليها الصور المناسبة.
الفصل الثامن: ينقسم العلم الحصوليّ إلي تصوّر و تصديق
فانّه إمّا صورة ذهنيّة حاصلة من معلوم واحد من غير إيجاب او سلب کالعلم
