و قد أنهوا البديهيّات إلي ستّة أقسام هي المحسوسات و المتواترات والتجربيّات و الفطريّات و الوجدانيّات و الأوّليّات علي ما بيّنوه في المنطق.
و أولي البديهيّات بالقبول الأوّليّات و هي القضايا التي يکفي في التصديق بها مجرّد تصوّر الموضوع و المحمول کقولنا: الکلّ أعظم من جزئه و الشيء ثابت لنفسه. او المقدّم و التالي کقولنا: العدد إمّا زوج و إما فرد.
و أولي الأوّليّات بالقبول قضيّة امتناع اجتماع النقيضين و ارتفاعهما التي يفصح عنه قولنا: إمّا أن يصدق الايجاب و يکذب السلب او يصدق السلب و يکذب الايجاب. و هي منفصلة حقيقيّة لا تستغني عنها في إفادة العلم قضيّة نظريّة ولابديهيّة حتي الأوّليّات فانّ قولنا: الکلّ أعظم من جزئه مثلاً إنمّا يفيد العلم إذامنع النقيض وکان نقيضه کاذباً.
فهي أوّل قضيّة يتعلق بها التصديق و إليها تنتهي جميع العلوم النظريّة و البديهيّة في قياس استثنائيّ يتمّ به العلم. فلو فرض فيها شکّ سري ذلک في جميع القضايا و بطل العلم من أصله.
و يتفرع علي ذلک:
أوّلاً أنّ لنا في کلّ قضيّة مفروضة قضيّة حقّة إمّا هي نفسها او نقيضها.
و ثانياً أنّ نقيض الواحد واحد و أن لا واسطة بين النقيضين.
و ثالثاً أنّ التناقض بين التصوّرين مرجعه إلي التناقض بين التصديقين کالتناقض بين الانسان و اللانسان الراجعين إلي وجود الانسان و عدمه الراجعين إلي قولنا: الانسان موجود و ليس الانسان بموجود.