الکم و الکيف و الوضع و نحوها من الأعراض و العلّة الموجدة له هو آخر العقول الطوليّة المسمّي «عقلاً فعّالاً» عند المشّائين و «بعض العقول العرضيّة» عند الإشراقيّين.
و فيه أمثلة الصور الجوهريّة التي هي جهات الکثرة في العقل المفيض لهذا العالم المتمثّل بعضها لبعض بهيئات مختلفة من غير أن يفسد اختلاف الهيئات الوحدة الشخصيّة التي لجوهره. مثال ذلک: أنّ جمعاً کثيراً من أفراد الإنسان مثلاً يتصوّرون بعض من لم يروه من الماضين و إنّما سمعوا اسمه و شيئاً من سيرته کلّ منهم يمثّله في نفسه بهيأة مناسبة لما يقدّره عليه بما عنده من صفته و إن غايرت الهيأة التي له عند غيره.
و لهذه النکتة قسموا المثال ذلي خيالٍ منفصلٍ قائمٍ بنفسه مستقلٍّ عن النفوس الجزئيّة المتخيّلة و خيالٍ متّصلٍ قائم بالنفوس الجزئيّة المتخيّلة.
علي أنّ في متخيّلات النفوس صوراً جزافيّةً لا تناسب فعل الحکيم و فيها نسبة إلي دعابات المتخيّلة.
الفصل الثاني و العشرون: في العالم المادي
و هو العالم المحسوس أخسّ مراتب الوجود و يتميّز عن العالمين عالم العقل و عالم المثال بتعلّق الصور فيه ذاتاً و فعلاً أو فعلاً بالمادّة و توقّفها علي الاستعداد.
فما للأنواع التي فيها من الکمالات هي في أوّل الوجود بالقوّة ثمّ يخرج إلي الفعليّة بالتدريج و ربّما عاقها من کمالها عائق فالعلل فيها متزاحمة متمانعة.
وقد عثرت الأبحاث العلميّة الطبيعيّة و الرياضيّة إلي هذه الأيّام علي شيءٍ