المرحلة العاشرة
في السبق و اللحوق والقدم و الحدوث
و فيها ثمانية فصول
الفصل الأوّل في السبق و اللحوق و هما التقدّم و التأخّر
يشبه أن يکون أوّل ما عرف من معني التقدّم و التأخّر ما کان منهما بحسب الحسّ، کأن يفرض مبدأ يشترک في النسبة إليه أمران ، ما کان لأحدهما من النسبة إليه فللأخر، و ليس کلّ ما کان للأوّل فهو للثاني، فيسمّي ما للأوّل من الوصف "تقدّماً"، و ما للثاني "تأخرّاً"، کمحراب المسجد يفرض مبدأ فيشترک في النسبة أليه الأمام و المأموم، فما للمأموم من نسبة القرب ألي المحراب فهو للأمام ، ولا عکس، فالإمام متقدم و المأموم متأخّر. ومعلوم أنّ وصفي التقدّم و التأخّريختلفان باختلاف المبدأ المفروض ،کما أنّ الأمام متقدّم و المأموم متأخّر في المثال المذکور علي تقدير فرض المحراب مبدأ، ولو فرض المبدأ هو الباب کان الأمر بالعکس و کان المأموم متقدّماً و الأمام متأخّراً.
و لا يتفاوت الأمر في ذلک أيضاً بين أن يکون الترتيب و ضعيّاً اعتباريّاً کما في المثال السابق، أو طبعيّاً کما أذا فرضنا مثلاً الجسم ثمّ النبات ثمّ الحيوان ثمّ الإنسان ، فإن فرضنا المبدأ هو الجسم کان النبات متقدّماً و الحيوان متأخّراً ، و إن فرضنا المبدأ هو الإنسان کان الحيوان متقدّماً و النبات متأخّراً، و يسمّي هذا التقدّم و التأخّر: "تقدّماً و تأخّراً بحسب الرتبة".