خاتمة
کما تطلق القوّة علي مبدء القبول کذلک تطلق علي مبدأ الفعل و خاصّة إذ کانت قويّة شديدة کما تطلق القوي الطبيعيّة علي مبادي الآثار الطبيعيّة و تطلق القوي النفسانيّة علي مبادي الآثار النفسانيّة من إبصار وسمع و تخيّل و غير ذلک.
و هذه القوّة الفاعلة إذا قارنت العلم و المشيّة سميّت قدرة الحيوان و هي علّة فاعلة يتوقف تمام علّيّتها بحيث يجب معها الفعل إلي امور خارجة کحضور المادّة القابلة و استقرار وضع مناسب للفعل و صلاحية أدوات الفعل و غير ذالک. فاذا اجتمعت تمّت العّليّة و وجب الفعل.
فبذلک يظهر فساد تحديد بعضهم مطلق القدرة بأنّهاما يصحّ معه الفعل و الترک فانّ نسبة الفعل و الترک إلي الفاعل إنّما تکون بالصحّة و الامکان إذا کان جزء من العلّة التامّة فاذا أخذ وحده و بما هو علّة ناقصة و نسب إليه الفعل لم يجب به. و أمّا الفاعل التامّ الفاعليّة الذي هو وحده علّة تامّة کالواجب تعالي فلا معني لکون نسبة الفعل و الترک إليه بالامکان أعني کون النسبتين متساويتين.
و أمّا الاعتراض عليه بأنّ لازم کون فعله واجباً کونه تعالي موجباً بالفتح مجبراً علي الفعل و هوينا في القدرة.
فمندفع بأنّ هذا الوجوب ملحق بالفعل من قبله تعالي و هو أثره. ولا معني لکون أثر الشيء التابع له في وجوده مؤثراً في ذات الشيء الفاعل و ليس هناک فاعل آخر يؤثر فيه تعالي بجعله مضطراً إلي الفعل.
و کذلک فساد قول بعضهم: إنّ صحّة الفعل تتوقف علي کونه مسبوقاً بالعدم الزمانيّ فالفعل غير المسبوق بعدم زمانيّ ممتنع.