سائلك،
أخبرني أكانت رحمة الله للعباد قبل أعمال العباد أم كانت أعمال العباد قبل رحمة
الله؟ قال: فقال له الرجل: بل كانت رحمةالله للعباد قبل أعمال العباد. فقال
أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ: قوموا فسلموا علي أخيكم، فقد أسلم و قد كان كافراً،
قال: وانطلق الرجال غير بعيد، ثم انصرف إليه، فقال له: يا أميرالمؤنين، أبا لمشية
الاُولي نقوم و نقعد و نقبض ونبسط؟ فقال له أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ: و إنك
لبعيد في المشية، أما إني سائلك عن ثلاث لا يجعل الله لك في شيء منها مخرجاً.
أخبرني أخلق
الله العباد كما شاء أو كما شاؤوا؟ فقال: كما شاء، قال: فخلق الله العباد لما شاء
أو لما شاؤوا؟ فقال: لما شاء، قال: يأتونه يوم القيامة كما شاء أو كما شاؤوا؟ قال:
قم فليس إليك من المشية شيء» (1).
قال العلاّمة
الطباطبائي ـ قدّس سرّه ـ في ضمن ما قاله في توضيح الرواية: «و الأشياء إنما ترتبط
به تعالي من جهة صفاته الفعلية التي بها ينعم عليها و يقيم صلبها و يدبر أمرها
كالرحمة والرزق و الهداية و الإحياء و الحفظ و الخلق و غيرها و ما يقابلها، فلله
سبحانه من جهة صفات فعله دخل في كل شيء مخلوق وما يتعلق به من أثر و فعل، إذ لا
معني لإثبات صفة فيه تعالي متعلقة بالأشياء وهي لا تتعلق بها.
ولذلك فإنه ـ
عليه السلام ـ سأل الرجل عن تقدم صفة الرحمة علي الاعمال، و لا معني لتقدمها مع
عدم ارتباتها بها وتأثيرها فيها، فقد نظم الله الوجود بحيث تجري فيه الرحمة و
الهداية والمثوبة والمغفرة وكذا ما يقابلها، ولا يوجب ذلك بطلان الاختيار في
الأفعال، فإن تحقق الاختيار نفسه مقدمة من مقدمات