في حذف المسندإليه
المبحث الثاني
في حذف المُسندإليه
الحذف خلاف الأصل وهو قسمان: أ ـ قسمٌ يظهر فيه المحذوف عند الإعراب: كقولهم: أهلاً
وسهلاً فإنَّ نصبَهما يدُلّ على ناصب محذوف يُقدَّر بنحو: جئتَ أهلاً ونزلت مكاناً
سهلاً، وليس هذا القسم من البلاغة في شيء. ب ـ وقسم لا يَظهر فيه المحذوفُ عند
الإعراب: وإنَّمَا تَعلَمُ مكانه إذا أنتَ تصفحْتَ المعنى ووجدتَه لا يتمّ إلا
بمُراعاته، نحو يُعطي ويمنع أي: يُعطي من يَشَاء، ويَمْنَعُ من يَشاء. ولكن لا
سبيلَ إلى إظهار ذلك المحذوف، ولو أنت أظهرْته زالت البهجة، وضاع ذلك
الرَّونَق(91).
وَمن دواعي حذف المسنداليه إذا دلتْ عليه قرينة:
1 ـ ظهوره بدَلالة القرائن عليه:
نحو:
(فَصكتْ وجْهَهَا وَقَالَتْ عجوز عَقِيم) [الذاريات:
29]. أي أنا عجوز.
2 ـ إخفاء الأمر عن غير الُمخَاطب: نحو أقبلَ، تُريد عليّاً
مثلاً.
3 ـ تَيَسُّر الإنكار إن مَسَّت إليه الحاجة: نحو «لئيم خسيس» بعد ذكر شخص،
لا تذكر اسمه ليتَأتَّى لك عند الحاجة أن تقول ما أردتُه ولا قصدتُه.
4 ـ الحَذر من
فوات فرصة سانحة: كقول مُنَبِّه الصَّياد: «غَزالٌ»، أي: هذا غزال.
5 ـ اختبار
تَنبُّه السامع له عند القرينة، أو مِقدارَ تَنبُّهه: نحو نُورهُ مُسْتفادٌ من نور
الشمس، أو هو واسطة عِقد الكواكب أي «القمر» في كلّ من المثالين.
6 ـ ضيق المقام عن
إطالة الكلام بِسبب تَضجّر وتَوَجّع: كقوله: [الخفيف] قالَ لي كَيْفَ أنتَ قلْتُ
عَلِيلٌ سَهَرٌ دائمٌ وحُزْنٌ طَويلُ
7 ـ المحافظة على السَّجع نحو: من طابَتْ
سريرتُهُ، حُمِدَتْ سيرتُهُ(93).
8 ـ الُمحاظفة على قافية كقوله: [الطويل] وما
المالُ والأهْلُونَ إلا ودَائعٌ ولاَبُدَّ يوماً أن تُرَدَّ الوَدائع
9 ـ الُمحافظة
على وزن كقوله: [الطويل] على أنَّني راض بأنْ أحملَ الهوَى وأخلصَ منه لا عليَّ
ولاَ لِيَا
10 ـ كون المسند إليه مُعيّناً معلوماً حقيقة نحو:
(عالمُ الغَيْبِ والشَّهادة)[الانعام: 73، التوبة: 94] أي الله، أو معلوماً
ادَّعاءً نحو وهَّابُ الألوف أي فلان.
11 ـ إتباع الاستعمال الوارد على تركه(96):
نحو: رَمْيَةٌ من غير رام، أي هذه رمية. ونحو: نِعْم الزعيم سعدٌ: أي هو سعدٌ.
12 ـ
إشعار أن في تركه تَطهيراً له عن لسانك، أو تطهيراً للسانك عنه، مثال الأول
(مُقَرِّرٌ للشرائع مُوَضحٌ للدّلائل) تريد صاحب الشريعة ومثال الثاني