(20) التعريض: فإنه تعالى عرض بسالكي مسالكهم في تكذيب الرسل ظلماً، وأن الطوفان وتلك الصورة الهائلة ما كانت إلا بظلمهم.
(21) الأبداع الذي نحن بصدد الاستشهاد له، وفيها غير ذلك، وقد أفردت هذه الآية الشريفة بتآليف عديدة لما اشتملت عليه من البلاغة، حتى عد بعضهم فيها مائة وخمسين نوعاً، وقد أجمع المعاندون على أن طوق البشر عاجز عن الإتيان بمثلها.
(33) الأسلوب الحكيم
أسلوب الحكيم: هو تلقي المخاطب بغير ما يترقبُه.
1 ـ إما بترك سؤاله: والإجابة عن سؤال لم يسأله. تنبيها على أنه كان ينبغى له أن يسأل هذا السؤال
2 ـ وإما بحمل كلام المتكلم على غير ما كان يقصِد ويريدُ، تنبيهاً على أنه كان ينبغي له أن يقصد هذا المعنى.
فمثال الأول، قوله تعالى:
(ويسألُونكَ ماذا يُنفقونَ قلْ ما أنفقتُمْ مِنْ خير فللوَالدين والأَقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل)[البقرة: 215] سألوا النبي عليه الصلاة والسلام عن حقيقة ما ينفقون من مالهم، فأجيبوا ببيان طرُق إنفاق المال: تنبيهاً على أن هذاهو الأولى والأجدر بالسؤال عنه. وقال تعالى:
(يسألُونكَ عن الأهلة قل هي مَواقيت للناس والحجِّ)[البقرة: 189](367).
ومثال الثاني: ما فعل القبعثرِى بالحجَّاج(368)، إذ قال اله الحجاجُ متوعداً (لأحملنكَ عل الأدهمِ).يُريد الحجاج: القيد الحديد الأسود: فقال القبعثرِي: «مثلُ الأمير يحمل على الأدهم والأشهب» يعني الفرس الأسود، والفرس الأبيض، فقال له الحجاجُ: أردت الحديد فقال القبعثرِي: لأن يكون حديداً خيرٌ من أن يكون بليداً، ومرادُه تخطئة الحجاج بأن الأليق به الوعد لا الوعيد(369).
وقال ابن حجاج بغدادى: [الخفيف]
فصاحبُ ابن حجاج، يقول له: قد ثقلت عليك بكثرة زياراتي، فيصرفه عن رأيه في أدب وطرف وينقل كلامه من معنى إلى معنى آخر: وقول الشاعر: [الطويل]
ويحكى: أنه لما توجه خالد بن الوليد لفتح الحيرة، أتى إليه من قبل أهلها رجلذو تجربة فقال له خالد: فيم أنت؟ قال: في ثيابي، فقال: علامَ أنت؟ فأجاب على الأرض فقال كم سنك؟ قال: اثنتان وثلاثون فقال: أسألك عن شىء وتجيبني بغيره، فقال: إنماأجبتك عما سألت.