الفصل الثالث عشر : في المثال
الأخسَ إذا وُجدَ، وَجَبَ أن يوجدَ الممكنُ الأشرفُ قبلَه، و هى قاعدةٌ مبرهنٌ عليها; و لا ريبَ فى أنّ الانسانَ المجرّدَ، الذى هو بالفعلِ فى جميعِ الكمالاتِ الانسانيّةِ مثلاً، أشرفُ وجوداً من الانسانِ المادّىِ، الذى هو بالقوّةِ فى معظَمِ كمالاتِهِ; فوجودُ الانسانِ المادّىِ، الذى فى هذا العالمِ، دليلٌ على وجودِ مثالِهِ العقلىِ، الذى هو ربُّ نوعِهِ. و فيه : أنّ جريانَ قاعدةِ إمكانِ الأشرفِ مشروطٌ بكونِ الأشرفِ و الأخسِ مشتركَيْنِ فى الماهيّةِ النوعيّةِ، حتى يدلَّ وجودُ الأخسِّ فى الخارجِ على إمكانِ الأشرفِ بحسبِ ماهيّتِهِ; و مجرّدُ صدقِ مفهوم على شىء لا يستلزمُ كونَ المصداقِ فرداً نوعيّاً له كما أنَّصدقَ مفهومِ العلمِ على العلمِ الحضورىِّ لا يستلزمُ كونَه كيفاً نفسانيّاً; فمن الجائزِ أن يكونَ مصداقُ مفهومِ الانسانِ الكلىِّ الذى نعقلُهُ مثلاً، عقلاً كليّاً من العقولِ الطوليّةِ، عندَه جميعُ الكمالاتِ الأوّليّةِ و الثانويّةِ التى للأنواعِ المادّيّةِ، فيصدقُ عليه مفهومُ الانسانِ مثلاً، لوجدانِهِ كمالَه الوجودىَّ، لا لكونِهِ فرداً من أفرادِ الانسانِ. و بالجملة: صدقُ مفهومِ الانسانِ مثلاً على الانسانِ الكلىِّ المجرّدِ الذى نعقلُه، لايستلزمُ كونَ معقولِنا فرداً للماهيّةِ النوعيّةِ الانسانيّةِ، حتى يكونَ مثالاً عقليّاً للنوعِ الانسانىِّ.
الفصل الثالث عشر
فى المثال و يُسمَّى البرزخَ، لتوسُّطِهِ بينَ العقلِ المجردِ و الجوهرِ المادىِّ، و الخيالَ المنفصلَ،لاستقلالِهِ عن الخيالِ الحيوانىِ المتصلِ به. و هو كما تقدَّمَ مرتبةٌ من الوجودِ مفارقٌ للمادّةِ دونَ آثارِها، وفيه صورٌ