الفصل التاسع : في فعله تعالي و انقساماته
و قالوا : الكلامُ فيما نتعارفُهُ: لفظٌ دالٌ على ما فى الضميرِ كاشفٌ عنه; فهناك موجودٌ اعتبارىٌّ ـ و هو اللفظُ الموضوعُ ـ يدلُّ دلالةً وضعيّةً اعتباريّةً على موجود آخَر، و هوالذى فى الذهنِ; ولو كانَ هناكَ موجودٌ حقيقىٌّ دالٌّ بالدلالةِ الطبعيةِ على موجود آخرَ كذلكَ، كالأثرِ الدالِّ على مؤثِرِه، وصفةُ الكمالِ الأتمّ فى علتِهِ، كانَ أولى و أحقَّ بأن يسمّى كلاماً، لقوّةِ دلالتِهِ; و لو كانَ هناكَ موجودٌ أحدىُّ الذاتِ ذوصفاتِ كمال فى ذاتِهِ، بحيثُ يكشفُ بتفاصيلِ كمالِهِ و ما يترتبُ عليه من الآثارِ عن وجودِهِ الأحدىِّ، و هو الواجبُ تعالى، كان أولى و أحقَّ باسمِ الكلامِ; و هو متكلّمٌ لوجودِ ذاتِهِ لذاتِهِ. أقولُ : فيه إرجاعٌ تحليلىٌ لمعنيىَ الارادةِ و الكلامِ إلى وجه من وجوهِ العلمِ والقدرةِ، فلا ضرورةَ تدعُوا إلى إفرادِهما عن العلمِ و القدرةِ، و ما نُسبَ إليه تعالى فى الكتابِ والسنةِ من الارادةِ و الكلامِ اريدَ به صفةَ الفعلِ، بالمَعنى الذى سيأتى إن شاء اللّه.
ا لفصل التاسعفى فعله تعالى و انقساماته لفعلِهِ تعالى ـ بمعنى المفعولِ ـ ، و هو الوجودُ الفائضُ منه، انقساماتٌ بحسب ما تحصُلُ من الأبحاثِ السابقةِ، كانقسامِهِ إلى مجرّد و مادّى و انقسامِهِ إلى ثابت و سيّال، و إلى غيرِ ذلك. و المرادُ فى هذا الفصلِ الاشارةُ إلى ما تقدَّمَ سابقاً: أنّ العوالمَ الكليّةَ ثلاثةٌ: