لا يقال : إن
العقلاء كثيراً ما يتحملون الضرر لدواعٍ مختلفة فكبري القياس ممنوعة ، لأنا نقول :
إن ما يتحمله العقلاء في اُمورهم هو الحقير من الضرر إو الضرر المنجبر بفائدة
مهمّة لا الخطير و الكثير منه ، سيما ما فيه ضرر النفس و هلاكها ، و الضرر
الاُخروي علي تقدير ثبوته ضرر خطير، فاحتماله يوجب لزوم دفعه و إن كان الإحتمال
ضعيفاً ؛ لأن المحتمل قوي و خطير.
و الشاهد
عليه هو استحقاق المذمة علي عدم دفعه.
ثمّ لا يخفي
عليك أنه لا منافاة بين كون لزوم دفع الضرر عقلياً و بين كون الدفع المذكوره
جبلياً ايضاً لكل ذي شعور؛ لإمكان اجتماعهما.
و إما هو
وجوب شكر المنعم، بتقريب أن مع ترك طلب المعرفة يحتمل ترك شكر المنعم و تضييع حقه
علي تقدير وجوده و حيث إن تضييع حق المنعم قبيح و شكره واجب، فطلب المعرفة واجب
حتي لا يلزم تضييع حقه علي تقدير وجوده.
لا يقال : إن
كبري وجوب شكر المنعم لا تدل علي وجوب شكر المنعم ما لم تحرز المنعميْ و المفروض
أن المقام قبل الفحص عن الدليل كذلك ، إذ لم تثبت الخالقية و المنعمية.
لأنا نقول :
لا مجال للبراءة العقلية قبل الفحص و النظر في الواجبات العقلية، بل اللازم هو
الفحص و النظر عن موضوعها و إلاّ لزم ترك الواجبات العقلية من دون عذر و من الوضح
أنه قبيح.
ثم لا يخفي
عليك ، أن الوجه الثاني لا يرجع إلي الوجه الاول ، بل هو وجه آخر لأن ملاك الحكم
في الثاني هو ملاحظة حق المولي فيمنع العقل عن تضييع حقه بترك شكره و يحكم بوجوب
شكره ، بخلاف الوجه الأول ، فإن ملاك الحكم فيه هو ملاحظة جانب العبد لئلا يقع في
الضرر و التهلكة بسبب ترك المعرفة، فافهم.