وبعد ثبوت ذلك ينبغي أن نبحث هنا عن مسألة أخرى، وهي أنه لو ورد من الشارع امر في مورد حكم العقل كقوله تعالى: (أطيعوا الله والرسول) فهذا الامر من الشارع هل هو امر مولوي أي انه أمر منه بما هو مولى، او انه أمر ارشادي أي انه أمر لاجل الارشاد إلى ماحكم به العقل، أي أنه امر منه بما هو عاقل؟ وبعبارة أخرى ان النزاع هنا في ان مثل هذا الامر من الشارع هل هو أمر تأسيسي، وهذا معنى انه مولوي أو انه أمر تأكيدي وهو معنى انه ارشادي؟ لقد وقع الخلاف في ذلك، والحق انه للارشاد حيث يفرض ان حكم العقل هذا كاف لدعوة المكلف إلى الفعل الحسن واندفاع ارادته للقيام به، فلا حاجة إلى جعل الداعي من قبل المولى ثانيا، بل يكون عبثا ولغوا، بل هو مستحيل لانه يكون من باب تحصيل الحاصل. وعليه، فكل مايرد في لسان الشرع من الاوامر في موارد المستقلات العقلية لا بد أن يكون تأكيدا لحكم العقل لا تأسيسا. نعم لو قلنا بأن ما تطابقت عليه آراء العقلاء هو استحقاق المدح والذم فقط، على وجه لا يلزم منه استحقاق الثواب والعقاب من قبل المولى، او انه يلزم منه ذلك بل هو عينه ولكن لايدرك ذلك كل أحد فيمكن الا يكون نفس ادراك استحقاق المدح والذم كافيا لدعوة كل احد إلى الفعل الا للافذاذ من الناس، فلا يستغني اكثر الناس عن الامر من المولى المترتب على موافقته الثواب وعلى مخالفته العقاب في مقام الدعوة إلى الفعل وانقياده، فاذا ورد أمر من المولى في مورد حكم العقل المستقل فلا مانع من حمله على الامر المولوي، الا اذا استلزم منه محال التسلسل