الوجود يقتضي
الاستغناء عن كل شيء فلا يفتقر في كونه قادراً إلي صفة القدرة ولا في كونه عالماً
إلي صفة العلم ولا غير ذلك من المعاني و الأحوال»
(1).
ثم إنه لا
إستيحاش في صدق المفاهيم المختلفة علي مصداق واحد بسيط من جميع الجهات فإن هذا
الصدق لا يختص بهذا المورد، بل عندنا اُمور لا تكثر فيها، بل هي بسيطة، و مع ذلك
يطلق عليها المفاهيم المختلفة كإطلاق المعلوم و المقدور و الموجود علي المتصورات
الذهنية، مع أنه لا تكثر فيها، بل هي بذاتها معلومة و مقدورة و موجودة لنا، فيمكن
أن يكون البسيط مصداقاً للمفاهيم المختلفة فذاته تعالي من حيث أنه وجود، موجود،
ومن حيث أنه مبدأ للانكشاف عليه، علم، و لمّا كان مبدأ الانكشاف عين ذاته، فهو
عالم بذاته، و كذلك الحال في القدرة و غيرها من الصفات الذاتية الثبوتية.
روي هاشم بن
الحكم أن الزنديق سأل أبا عبدالله ـ عليه السلام ـ أتقول: إنه سميع بصير فقال أبو
عبدالله ـ عليه السلام ـ: هو سميع بصير، سميع بغير جارحة و بصير بغير آلة، بل يسمع
بنفسه و يبصر بنفسه، و ليس قولي: إنه يسمع بنفسه أنه شيء و النفس شيء آخر، ولكنني
أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولاً و إفهاماً لك إذ كنت سائلاً فأقول: يسمع بكلّه
لا أن كلّه له بعض ولكني أردت إفهامك و التعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك إلاّ
إلي أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف معني (2). و عن الإمام الكاظم ـ عليه السلام ـ علم الله لا
يوصف منه بأين، ولا يوصف العلم من الله بكيف، ولا يفرد العلم من الله ولا يبان
الله منه و ليس بين الله و بين عمله حد (3).