و كذا
اشراكه في العبادة في أي نوع من أنواع العبادة ، واجبة أو غير واجبة، في الصلاة و
غيرها من العبادات. و من أشرك في العبادة غيره فهو مشرك كمن يرائي في عبادته و
يتقرب إلي غير الله تعالي، و حكمه حكم من يعبد الأصنام و الأوثان، لا فرق بينهما(3)
و هکذا لا
وجه لعبادة غيره بدعوي حلول الإله فيه أو الإتحاد به ؛ لما عرفت من أن الله تعالي
غير محدود و لا يحل غير المحدود في المحدود ولا يتحد به، و أيضاً لا وجه لعبادةغيره
بتوهم أن الأمر مفوض. إليه و هو يقدر علي إلزامه تعالي بالعفو و الصفح أو الفضل ، و لعل يرشد إليه ما حكي عن
المشركين في القرآن الكريم « ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي»
(1) ، « و يعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم يقولون هؤلاء
شفعاؤنا عند الله قل اتنبؤن الله بما لا يعلم في السماوات و لا في الأرض سبحانه و
تعالي عما يشركون»
(2)؛ لأن الغير محتاج إليه في جميع اُموره
و شؤونه و معه كيف يقدر علي إلزامه تعالي بالعفو و الصفح أو الفضل. و مما ذكر يظهر وجه قول
الماتن حيث قال: « فلا تجوز عبادة غيره بوجه من الوجوه ».
ثم لا اشكال
في كون عبادة الغير بأي وجه كانت، شركاً، ويصير المعتقد به خارجاً عن حوزة الإسلام
و زمرة المسلمين. فإن من إعتقد باستحقاق غيره للعبادة يرجع عقيدته إلي أحد الاُمور
المذكورة التي تكون إما شركاً في ذاته تعالي، أو في ملكه و سلطانه.
و فيه تأمل، بل منع؛ لأن الرياء من صنوف الشرك الخفي و هو في عين كونه
عملاً حراماً في العبادة و موجباً لبطلانها و بعد الإنسان عن ساحة مقام الربوبية،
لا يخرج المرائي عن زمرة المسلمين بالضرورة من الدين، إذ المرائي يعتقد بالتوحيد
في الذات و الصفات و الفاعلية و الربوبية، ولكنه لضعف إيمانه