باب الشهود و
العلم الحضوري الذي لا يحتاج إلي وساطة شيء آخر.
و هذا
الادراك يؤكد بالعبادات المأثورة الشرعية إذ كلّما إزدادت النفس تزكية وصفاء كان
هذا الإدراك فيها آكد و أتم .
و كلّما
ازدادت النفس فسقاً و فجوراً كان الإدراك المذكور فيها ضعيفاً و يؤول ضعفه إلي حدٍ
ربما يتخيل عدمه .
و للرسل سهم
وافر في إزدياد هذا الإدراك و تقويته كما أشارإليه أمير المؤمينين ـ عليه السلام ـ
بقوله : « فبعث فيهم رُسُلَه و واتر إليهم أنبياءه لِيَسْتَأدُوهم ميثاقَ فطرته و
يُذكِّروهم مَنسِيّ نعمَته وَ يَحتَجُّوا عليهم بالتبليغ و يُثيروا لهم دفائنَ
العقول » (1).
و كيف كان
فهذا الإدراك لا يختص بزمان دون زمان و بقوم ، بل هو موجود في الإنسان من بدء
حياته إلي زماننا هذا و بعده ، كما اعترف به جمع كثير من علماء الغرب أيضاً علي ما
حكاه الاُستاذ الشهيد المطهري ـ قدّس سرّه ـ و هو من شواهد كون هذا الإدراك فطرياً(2) .
و إلي ما ذكر
يشير الإمام الباقر ـ عليه السلام ـ في قوله : « فطرهم علي المعرفة به » (3) .
ثم إن الفطرة
لا تبديل لها و إن أمكن خفاؤها ، بسبب توجه النفس إلي الدنيا و الاُمور المادية و
الاشتغال بها . و لعل قوله تعالي : « فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر
الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم » (4)
يشير إلي ذلك .