والبداء بهذا
المعني يستحيل علي الله تعالي؛ لأنه من الجهل و النقص، و ذلك محال عليه تعالي، ولا
تقول به الإمامية. قال الصادق ـ عليه السلام ـ: «من زعم أن الله تعالي بدا له في
شيء بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم» و قال أيضاً: «من زعم أن الله بدا له
في شيء ولم يعلمه أمس فأبرأ منه» (2)
و إمكانه في
حق الإنسان و استحالته في حقه تعالي فلا ايراد عليه.
و كيف كان،
فلا وجه بعد ما عرفت من أعمية البداء في اللغة، لحمل أخبار الشيعة التي تدل علي
مطلوبية البداء، علي البداء المحال كما سيأتي إن شاء الله توضيحه. .
هذا الأخبار و نظائرها تدل علي استحالة
البداء بالمعني الاصطلاحي عند الشيعة أيضاً و ذلك لأن التغير و التبدل في الرأي و
الندامة، حاكٍ عن الجهل و هو نقص لا سبيل له إليه تعالي، لانه تعالي عين الكمال و
عين الفعلية، ولم يقل أحد من الشيعة بالبداء بالمعني المذكور المحال.
بل صرح في
الأخبار باستحالتة، و من جملتها أن اليهود سألوا عن النبي ـ صلّي الله عليه و آله
ـ «يا محمد أفبدا لربك فيما كان أمرك به بزعمك من الصلاة إلي بيت المقدس حتي نقلك
إلي الكعبة؟ فقال رسول الله ـ صلّي الله عليه و آله ـ: ما بدا له عن ذلك، فإنه
العالم بالعواقب، و القادر علي المصالح، لا يستدرك علي نفسه غلطاً، ولا يستحدث
رأياً يخالف المتقدم. جل عن ذلك، ولا يقع عليه أيضاً مانع يمنعه من مراده، و ليس
يبدو، و إلاّ لما كان هذا وصفه، و هو عزّوجلّ متعال عن هذه الصفات علواً كبيراً.
ثم قال لهم رسول الله ـ صلّي الله عليه و آله ـ: أيها اليهود: أخبروني عن الله
أليس يمرض، ثم يصح ثم