سائر الاُمور
من الشدة و الرخاء، والفقر و الغني، و غيرها، و يستتبع هذا النظر تحمل الشدائد و
المصائب، للعلم بأن وراءها مصلحة و حكمة، بل ينتهي إلي مقام الرضا بما اختاره الله
تعالي في أمره، و هو مقام عال لا يناله إلاّ الأوحدي من الناس، و من ناله فلا حرص
ولا طمع له بالنسبة إلي الدنيا الدنية، للعم بأن ما قدره الله تعالي و قضاء هو
خيره و يصل إليه، و لذا لا يضطرب من رقابة الآخرين أو حسادتهم، كما أنه لا حسد له
بالنسبة إلي ذوي العطايا، لعلمه بأن المقسم حكيم و عادل و رؤوف. فالمؤمن الراضي
بالقضاء و القدر لا يزيده قضاؤه و قدره إلاّ ايماناً و تصديقاً و فضيلة و علواً،
ولذا سئل هذا المقام في الأدعية و الزيارات و من جملتها ما ورد في زيارة أمين الله
حيث قال: «اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك، راضية بقضائك» و ما ورد في دعاء ابي حمزة
الثمالي من قوله: «اللهم اني أسالك ايماناً تباشر به قلبي و يقيناً حتي أعلم انه
لن يصيبني الاّ ما كتبت لي و رضني من العيش بما قَسمتَ لي يا ارحم الراحمين»
(1) .
الخامس:
فيما ورد من النهي عن الغور
في القضاء و القدر، و قد روي في ذلك روايات:
منها: ما عن
عبدالملك بن عنترة الشيباني، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجل إلي أمير المؤمنين ـ
عليه السلام ـ فقال: «يا أمير المؤمنين! أخبرني عن القدر، فقال: بحر عميق فلا
تلجه. فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، فقال: سر الله فلا تتكلفه، الحديث»(2).
و منها: ما
روي عنه ـ عليه السلام ـ أنه قال في القدر: «ألا إن القدر سر من سر الله، و حرز من
حرزالله، مرفوع في حجاب الله، مطوي عن خلق الله، مختوم