الارادة و هو
الفارق عندهم بين الفعل الاختياري و الاضطراري.
و الذي أوجب
هذا الزعم الفاسد فيهم، هو عدم درك معني التوحيد الأفعالي، و تخيلوا أنه لا يمكن
الجمع بين التوحيد الافعالي و سببية الأشياء.
و فيه
أوّلاً:
أن انكار السببية و العلية خلاف الوجدان، فإنا نري أنفسفا علة ايجادية بالنسبة
إلي التصورات و التفكرات الذهنية و نحوها من أفعال النفس؛ لأن هذه الاُمور مترشحة
عن النفس و متوقفة عليها من دون العكس، و ليس معني السببية إلاّ ذلك، و الوجدان
أدل دليل علي ثبوت السببية و العلية فلا مجال لانكارها.
و ثانياً:
أن
التزاحم المشاهد بين الماديات مما يشهد علي وجود رابطة العلية و التأثير و التأثر
بالمعني الأعم فيها، و إلاّ فلا مجال لذلك، إذ المفروض أنه لا تأثير لها، و إرادته
تعالي لا تكون متزاحمة، لعدم التكثر في ذاته، و المفروض أنه لا دخل لغيره تعالي في
السببية، فالتزاحم ليس إلاّ لتأثير الماديات بعضها في بعض.
و ثالثاً:
بأن
النصوص الشرعية تدل علي وجود الرابطة السببية، كقوله تعالي: «فأرسلنا إليها روحنا
فتمثل لها بشراً سوياً * قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً * قال إنما أنا
رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً»
(1) حيث نسب التمثل و
هكذا هبة الغلام إلي الروح.
و كقوله
عزَّوجلّ: «قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم» (2) إذ أسند عذاب
الكفار إلي أيدي المؤمنين و غير ذلك من الآيات، فلا وجه لإنكار السببية.
و أما توهم
المنافاة بينهما و بين التوحيد الأفعالي فهو مندفع، بأن السببية المذكورة ليست
مستقلة حتي تنافيه، بل هي السببية الطولية، و هي منتهية إليه