الثالث: ما
دل علي مؤاخذة الجهال و الذم بفعل المعاصي المجهولة المستلزم لوجوب تحصيل العلم،
لحكم العقل بوجوب التحرز عن مضرة العقاب. مثل قوله ـ صلي الله عليه و آله ـ في من
غسل مجدوراً
(1)
أصابته جناية فكر
(2)
فمات ـ: «قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا؟» و قوله ـ لمن أطال الجلوس في بيت الخلاء
لاستماع الغناء ـ: «ما كان أسوء حالك لومت علي هذه الحالة» ثم أمره بالتوبة، و
غسلها، و ما ورد في تفسير قوله تعالي: «فلله الحجة البالغة» من أن يقال للعبد يوم
القيامة: هل علمت؟ فإن قال: نعم، قيل: فهلا عملت؟ و إن قال: لا، قيل له: هلا تعلمت
حتي تعمل؟ ـ إلي أن قال الشيخ الأعظم ـ .
الرابع: أن
العقل لا يعذر الجاهل القادر علي الاستعلام ـ إلي أن قال: ـ كما لا يعذر الجاهل
بالمكلف به العالم به إجمالاً، و مناط المعذورية في المقامين هو عدم قبح مؤاخذة
الجاهل فيهما، فاحتمال الضرر بارتكاب الشبهة غير مندفع بما يؤمن معه من ترتب
الضرر. ألا تري أنهم حكموا باستقلال العقل بوجوب النظر في معجزة مدعي النبوة و عدم
معذوريته في تركه، مستندين في ذلك إلي وجوب دفع الضرر المحتمل، لا إلي أنه شك في
المكلف به، هذا كله مع أن في الوجه الأول و هو الاجماع القطعي كفاية» (3).
و حاصله أن
الجاهل المقصر سواء علم بأصل التكليف، و شك في المكلف به، و جهل به، كما هو كذلك
نوعاً إذ المكلف إذا التفت إلي أنه لم يخلق مهملاً و لم يترك سدي، فضلاً عن أن آمن
بالإسلام و تدين به، علم اجمالاً بتكاليف كثيرة فعلية، أو لم يعلم بشيء، لم يكن
معذوراً، فإن عليه أن يفحص، ولا مجال