المعلوم أن
للميكروبات اقتضاء وجودياً لا عدمياً، و عد م الصحة بسبب اختلال المزاج من جهة
وجود المانع عن تأثير اقتضاء المزاج، فالشر بالذات هو عدم الوجود أو عدم كمال
الوجود مما من شأنه أن يكون له، والسموم و الميكروبات شر بالعرض للمقارنة، إذ
المانع يقارن مع عدم المعلوم بعدم علته، لا أنه علة لعدم المعلول كما أن المانع
يقارن أيضاً مع عدم العلة المذكورة؛ لأن كل ضد يقارن عدم الضد الآخر، و المفروض أن
المانع ضد للعلة التي اشرتط تأثيرها؛ لعدم وجوده فلا تغفل.
و إليه يؤول
ما قاله العلاّمةالطباطبائي ـ قدّس سرّه ـ من: «أن الذي تعلقت به حكمة الإيجاد و
الإرادة الإلهية و شمله القضاء بالذات في الاُمور التي يقارنها شيء من الشر، إنما
هو القدر الذي تلبس به من الوجود حسب استعداده و مقدار قابليته، و اما العدم الذي
يقارنه فليس إلاّ مستنداً إلي عدم قابليته و قصور استعداده، نعم ينسب إليه الجعل و
الإفاضة بالعرض لمكان نوع من الإتحاد بينه و بين الوجود الذي يقارنه هذا» (1).
و ممّا ذكر
يظهر أن الشرور إعدام حاجة إلي استنادها إلي الخالق، فلا وجه لتوهم الثنوية أن
خالق الشرور و الاعدام غير خالق الخيرات (2) كما أن ايجاده تعالي لا
يتعلق بالشرور حقيقة، و إن تعلق بها بالعرض و المجاز لمقارنتها مع الوجودات.
ثم إن الشرور
الإضافية المؤدية إلي الشرور الحقيقية حيث كانت جهة شريتها الإضافية قليلة في جنب
خيرتها بملاحظتها مع النظام الكلي من العالم لا تعد شروراً كما صرح به المحقق
الطوسي ـ قدّس سرّه ـ حيث قال: « فالشرور اُمور