التنبيه الرابع:
تقدم الاصل السببي علي المسببي اذا کان في المقام آصلان متعارضان، غير ان الشک في احدهما مسبب عن الشک في الآخر، مثلا اذا کان ماء قليل مستصحب الطهارة، و ثوب متنجس قطعا، فغسل الثوب بهذا الماء فهنا يجري بعد الغسل الثوب استصحابان:
أ - .استصحاب طهارة الماء الذي به غسل الثوب النجس، و مقتضاه طهارة الثوب المغسول به
ب - .استصحاب نجاسة الثوب و بقائها حتي بعد الغسل.
و عندئذ يقدم الاستصحاب الاول علي الاستصحاب الثاني، لان الشک في بقاء النجاسة في الثوب - بعد الغسل- ناشي عن الشک في الطهارة الماء الذي غسل به، فاذا تعبدنا الشارع ببقاء طهارة الماء ظاهرا يکون معناه ترتيب ما للماء الطاهر الواقعي من الآثار علي مستصحب الطهارة، و من جملة آثاره طهارة الثوب المغسول به، فالتعبد ببقاء الاصل السببي يرفع الشک، في جانب الاصل المسببي بمعني ان النجاسة هناک مرتفعة غير باقية فيکون الاصل السببي مقدما علي الاصل المسببي.
و يمکن ان الاصل السببي - استصحاب طهارة الماء- ينقح موضوع الدليل الاجتهادي، فيکون الدليل الاجتهادي مقدما علي الاصل المسببي، لان استصحاب طهارة الماء يثبت موضوعا، و هو ان هذا الماء طاهر، هذا من جانب.
ومن جانب آخر دل الدليل الاجتهادي ان کل نجس غسل بماء طاهر فهو طاهر، فبضم الصغري الي الکبري لا يبقي شک في طهارة الثوب و ارتفاع نجاسته.