• مشکی
  • سفید
  • سبز
  • آبی
  • قرمز
  • نارنجی
  • بنفش
  • طلایی
 
 
 
 
 
 

و بذلک تقف علي مفاد الأخبار المندِّدة بفعل فقهاء العامة کأبي حنيفة و قتادة، فإنّهّم کانوا يستبدون بنفس القرآن من دون الرجوع إلي حديث العترة الطاهرة في مجلاته و مبهماته و عموماته و مطلقاته. فالاستبداد بالقرآن شيء، و الاحتجاج بالقرآن بعد الرجوع إلي الأحاديث شيء آخر، و الأوّل هو الممنوع و الثاني هو الذي جري عليه أصحابنا - رضوان الله عليهم - .

ثمّ إنّ الأُصوليين جعلوا مطلق الظواهر من الظنون و قالوا باعتبارها و خروجها عن تحت الضابطة السالفة الذکر بدليل خاص، و هو بناء العقلاء علي حجّية ظواهر کلام کلّ متکلّم، و لکن دقة النظر تقتضي أن تکون الظواهر من القطعيات بالنسبة إلي المراد الاستعمالي لا الظنيّات.

لأنّ السير في المحاورات العرفية يرشدنا إلي أنّها من ا لأمارات القطعية علي المراد الاستعمالي بشهادة انّ المتعلِّم يستدل بظاهر کلام المعلِّم علي مراده. و ما يدور بين البائع و المشتري من المفاهيم لا توصف بالظنية، و ما يتفوّه به الطبيب يتلقّاه المريض أمراً واضحاً لا سترة فيه کما أنّ ما يتلّقاه السائل من جواب المجيب يسکن إليه دون أيّ تردد.

فإذا کانت هذه حال محاوراتنا العرفية في حياتنا الدنيويّة، فلتکن ظواهر الکتاب و السنّة کذلک فلماذا نجعلها ظنيّة الدلالة؟!

نعم المطلوب من کونها قطعية الدلالة هو دلالتها بالقطع علي المراد الاستعمالي لا المراد الجدي، لأنّ الموضوع علي عاتق الکلام هو کشفه عمّا يدل عليه اللفظ بالوضع و ما يکشف عنه اللفظ الموضوع هو المراد الاستعمالي، و المفروض أنّ الظواهر کفيلة لإثبات هذا المعني فلا وجه لجعلها ظنيّة الدلالة. و أمّا المراد الجدّي فإنّما يعلم بالأصل العقلائي، أعني: أصالة تطابق الإرادة الاستعمالية مع الجدّية.

والذي صار سبباً لعدِّ الظواهر ظنّية هو تطرّق احتمالات عديدة إلي کلام المتکلّم، أعني: