و الصواب هو القول الثاني أي عدم استحقاق العقاب. وليعلم أنّ موضوع البحث هو مخالفة الحجّة العقلية، لأجل غلبة الهوي علي العقل و الشقاء علي السعادة. و ربما يرتکبه الإنسان مع استيلاء الخوف عليه. و أمّا ضمّ عناوين أُخر عليه من الهتک و التمرّد و رفع علم الطغيان فجميعها أجنبية عن المقام، فلا شکّ في استحقاق العقاب إذا عُدّ عمله مصداقاً للهتک و رمزاً للطغيان و إظهاراً للجرأة إلي غير ذلک من العناوين المقبِّحة. نعم انّ التجرّي يکشف عن ضعف الإيمان، فيستحق اللوم والذم لا العقاب.
الموضع الثاني:
في حکم الفعل المتجرّي به[69] و الکلام فيه تارة من حيث کونه قبيحاً و أُخري من جهة الحرمة الشرعية. أمّا الأوّل، فهو منتف قطعاً، لأنّ الحسن و القبح يعرضان علي الشيء بالملاک الواقعي فيه، و المفروض أنّ الفعل المتجرّي به هو شرب الماء و هو فاقد لملاک القبح. و أمّا الثاني، فلا دليل علي الحرمة، الأنّ الحرام هو شرب الخمر، و المفروض أنّه شرب الماء و ليس هناک دليل يدلّ علي أنّ شرب ما يقطع الشارب بکونه خمراً حرام، و ذلک لأنّ الحرمة تتعلّق بواقع الموضوعات لا الموضوع المقطوع به فبذلک ظهر عدم حرمة التجرّي ولا المتجرّي به. غاية الأمر أنّ الفاعل يستحق الذم، لأنّ عمله يکشف عن سوء سريرته.
