مدفوع : بأن ذلك إنما هو فيما كان بنفسه طريقا ، كالامارات المعتبرة لمجرد إفادة الظن . و أما الطرق المعتبرة شرعا من حيث إفادة نوعها الظن و ليس اعتبارها منوطا بالظن ، فالمتعارضان المفيد ان منها بالنوع للظن في نظر الشارع سواء . و ما نحن فيه من هذا القبيل ، لان المفروض أن المعارض المرجوح لم يسقط من الحجية الشأنية كما يخرج الامارة المعتبرة بوصف الظن عن الحجية إذا كان ممعارضها أقوى .
و بالجملة ، فاعتبار قوة الظن في الترجيح في تعارض ما لم ينط اعتباره بإفادة الظن أو بعدم الظن على الخلاف لا دليل عليه .
و إن قلنا بالتخيير ، بناء على اعتبار الاخبار من باب السببية و الموضوعية ، فالمستفاد بحكم العقل من دليل وجوب العمل بكل من المتعارضين مع الامكان كون وجوب العمل بكل منهما عينا مانعا عن وجوب العمل بالاخر كذلك . و لا تفاوت بين الوجوبين في المانعية قطعا . و مجرد مزية أحدهما على الاخر بما يرجع إلى أقربيته إلى الواقع لا يوجب كون وجوب العمل بالراجح مانعا عن وجوب العمل بالمرجوح دون العكس ، لان المانع بحكم العقل هو مجرد الوجوب و المفروض وجوده في المرجوح . و ليس في هذا الحكم العقلي إهمال و إجمال و واقع مجهول حتى يحتمل تعيين الراجح و وجوب طرح المرجوح . و بالجملة ، فحكم العقل بالتخيير نتيجة وجوب العمل بكل منهمام في حد ذاته ، و هذا الكلام (769) مطرد في كل واجبين متزاحمين .
نعم لو كان الوجوب في أحدهما آكد و المطلوبية فيه أشد استقل