و بين قذف واحد من أهل بلد ، فإن الشخصين كلاهما يتأثران بالاول و لا يتأثر أحد من أهل البلد بالثاني . و كذا الحال لو أخبر شخص بموت الشخص المردد بين ولده و شخص آخر ، و بموت المردد بين ولده و بين كل واحد من أهل بلده ، فإنه لا يضطرب خاطره في الثاني أصلا .
و إن شئت قلت : إن ارتكاب المحتمل في الشبهة الغير المحصورة لا يكون عند العقلاء ، إلا كإرتكاب الشبهة الغير المقرونة بالعلم الاجمالي .
وكأن ما ذكره الامام عليه السلام في الرواية المتقدمة من قوله : ( أمن أجل مكان واحد ) ، الخبر ، بناء على أن الاستدلال به إشارة إلى هذا المعنى ، حيث جعل كون حرمة الجبن في مكان واحد ، منشاء لحرمة جميع محتملاته الغير المحصورة من المنكرات المعلومة عند العقلاء التي لا ينبغي للمخاطب أن يقبلها . كما يشهد بذلك كلمة الاستفهام الانكاري ، لكن عرفت أن فيه احتمالا آخر يتم معه الاستفهام الانكاري أيضا .
و حاصل هذا الوجه أن العقل إذا لم يستقل دفع العقاب المحتمل عند كثرة المحتملات . فليس ما يوجب على المكلف الاجتناب من كل محتمل ، فيكون عقابه حينئذ عقابا من دون برهان .