و أما إتصافه
بالإمكان الماهوي فهو باعتبار ماهيته؛ لأن الوجود ليس له الاقتضاء بالنسبة إلي
الوجود و العدم، بل نسبته إلي نفسه ضروري بالوجوب ؛ لأن ثبوت الشيء لنفسه ضروري و
إلي العدم بالامتناع حيث أن امتناع اتصاف الشيء بنقيضه أيضاً من الضروري فلا يكون
متساوي النسبة بالقياس إليهما
(1) .
ثم إنه
اُستدل بكلا المعينين لإثبات المبدأ المتعال.
أما الأول :
فقد نسب إلي ابن سينا و غيره رحمهم الله و لقد أجاد في تقريره المحقق الطوسي و
العلاّمة الحلي ـ قدّس سرّهم ـ و هو:
إن كلّ معقول
إما أن يكون واجب الوجود في الخارج لذاته (2) ، و إما ممكن الوجود لذاته ، و إما
ممتنع الوجود لذاته.
و لا شك في
أن هنا موجوداً بالضرورية فإن كان واجباً لذاته فهو المطلوب. و إن كان ممكناً
افتقر إلي موجود يوجده بالضرورة ، فإن كان الموجد واجباً لذاته فهو المطلوب . و
إن كان ممكناً افتقر إلي موجد آخر فإن كان الأول دار، و هو باطل بالضرورة ، و إن كان
ممكناً آخر تسلسل و هو باطل أيضاً؛ لأن جميع أحاد تلك السلسلة الجامعة لجميع
الممكنات، تكون ممكنة بالضرورة فتشترك في إمكان الوجود لذاتها، فلا بدّ لها من
موجد خارج عنها بالضرورة فيكون واجباً بالضرورة و هو المطلوب (3) .
و
الحد الوسط في هذا البرهان هو الإمكان الماهوي و يمكن تقريره بوجه آخر و هو أن
يقال : العالم ممكن لذاته ، و كلّ ممكن لذاته يحتاج في الوجود إلي الغير