عليهم
السّلام: «لا جبر ولا تفويض، بل أمر بين الأمرين» ثم قال: و تقريب هذا الكلمة
المباركة بوجهين:
أحدهما: أن
العلة الفاعلية ذات المباشر بارادته، و هي العلة القريبة، و وجوده و قدرته و علمه
و إرادته لها دخل في فاعلية الفاعل، و معطي هذه الامور هو الواجب المتعال، فهو
الفاعل البعيد، فمن قصر النظر علي الأول حكم بالتفويض، و من قصر النظر علي الثاني
حكم بالجبر، والناقد البصير ينبغي أن يكون ذا عينين، فيري الأول ـ أي فاعلية ذات
المباشر ـ فلا يحكم بالجبر و يري الثاني ـ أي كون معطي هذه الاُمور هو الواجب
المتعال ـ فلا يحكم بالتفويض، الخ (1).
و كيف كان،
فقد اعترف العلاّمة المجلسي ـ رحمه الله ـ بأن المعني المذكور، أي الملكية
الطولية، ظاهر بعض الأخبار، ولكن مع ذلك ذهب إلي أن معني الأمر بين الأمرين، هو أن
لتوفيقاته و هداياته تعالي مدخلية في أفعال العباد، و نسبه إلي ظاهر الأخبار، و
أيده بما رواه في الكافي عن أبي عبدالله ـ عليه السلام ـ أنه سأله رجل: «أجير الله
العباد علي المعاصي؟ قال: لا، فقال: ففوض إليهم الأمر؟ قال: لا، قال فماذا؟ قال:
لطف من ربك بين ذلك» (2).
و فيه
أولاً:
منع كون ما ذكر ظاهر الأخبار، فإن الأخبار كما عرفت ظاهرة في أن المراد من
الأمر بين الأمرين، هو عدم الستقلال العبد فيما ملكه الله تعالي و أقدره عليه، كما
نص عليه الإمام علي بن موسي الرضا ـ عليه السلام ـ في قوله: «... هو المالك لما
ملكهم و القادر علي أقدرهم عليه»
(3) والإمام علي
بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ في جواب الأسدي،
حيث قال: «و ما أقول يا أمير