المالك لما
ملكهم و القادر علي ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العباد بطاعته لم يكن الله عنها
صاداً ولا منها مانعاً و إن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم و بين ذلك فعل، و
إن لم يحل و فعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه، ثم قال ـ عليه السلام ـ: من يضبط حدود
هذا الكلام فقد خصم من خالفه»
(1).
و لا يخفي
عليك أن قوله: «هو المالك لما ملكهم، و القادر علي ما أقدرهم عليه» يدل علي أن
قدرة المخلوقين و تمكنهم من الفعل أو الترك تحت قدرته و ملكه تعالي، و ليس ذلك
إلاّ الملكية الطولية، إذ مع إسناد الملك و القدرة إليهم أسندهما إلي نفسه أيضاً،
كما إن قوله ـ عليه السلام ـ في الذيل: «فليس هو الذي أدخلهم فيه» يدل علي أن
الفعل واقع بمباشرتهم و اختيارهم فالمحصل أن الأفعال مع كونها صادرة عن العباد
بالاختيار، تكون تحت قدرة الخالق و ملكيته تعالي.
ومنها: ما
رواه الطبرسي ـ عليه الرحمة ـ عن أبي حمزة الثمالي، أنه قال: قال أبو جعفر ـ عليه
السلام ـ للحسن البصري: «إياك أن تقول بالتفويض، فإن الله عزّوجلّ لم يفوض الأمر
إلي خلقه وهناً منه ضعفاً ولا أجبرهم علي معاصيه ظلماً. الحديث» (2).
ومنها ما
رواه الطبرسي ـ عليه الرحمة ـ أيضاً عن هشام بن الحكم، قال: «سأل الزنديق أبا
عبدالله ـ عليه السلام ـ فقال: أخبرني عن الله عزّوجلّ كيف لم يخلق الخلق كلهم
مطيعين موحيدين و كان علي ذلك قادراً؟
قال ـ عليه
السلام ـ: لو خلقهم مطيعين لم يكن لهم ثواب؛ لأن الطاعة إذا ما كانت فعلهم لم تكن
جنة ولا نار، ولكن خلق خلقه فأمرهم بطاعته و نهاهم عن معصيته واحتج عليهم برسله و
قطع عذرهم بكتبه، ليكونوا هم الذين