جوز عليه تعالي فعل القبيح تقدست أسماؤه فجوز أن يعاقب المطيعين، و يدخل
الجنة العاصين بل الكافرين، و جوز أن يكلف العباد فوق طاقتهم و ما ال يقدرون عليه،
و مع ذلك يعاقبهم علي تركه، و جوز أن يصدر منه الظلم و الجور و الكذب و الخداع، و
أن يفعل الفعل بلا حكمة و غرض ولا مصلحة و فائدة، بحجة أنه لا يسأل عما يفعل و هم
يسألون
التحسين و
التقبيح العقليين، فالله تعالي لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب، و يترتب علي هذه
القاعدة مسائل كلامية و لذا استشكل الإمامية علي الأشاعرة و من تبعهم، بأنهم لم
يتمكنوا من إثبات العدل لله تعالي، و اجتنابه عن القبائح أصلاً بعد انكارهم هذه
القاعدة و إن ذهبوا إلي الاستدلال بالآيات القرآنية، الدالة علي أنه تعالي لا يظلم
ولا يفعل القبيح؛ لأن احتمال الكذب في الآيات لا ينسد إلاّ بالقاعدة المذكورة و
المفروض انكارهم اياها فمن أنكرالقاعدة فلا سبيل له إلي سد هذا الاحتمال، و مع
احتمال الكذب، كيف يمكن الاعتماد بقوله تعالي في كونه عادلاً و أنه لا يفعل
القبيح، و يكون حكيماً في أفعاله.
و أيضاً
أورادوا عليهم بأنهم لم يتمكنوا من إثبات النبوة، لجواز إظهار المعجزة علي يد
الكاذب؛ لعدم قبحه عندهم، فينتفي الفرق بين النبي و المتنبي، و بأنه يلزم إفحام
الأنبياء، إذ لا دليل علي وجوب النظر و المعرفة، و بغير ذلك من التوالي الفاسدة.
(3) لعل الأشاعرة استدلوا بالآية الكريمة بدعوي ظهورها في أن إرادته
تعالي هي القانون و الضابطة، و لذا لا مجال للسؤال عن إردته و فعله ما يشاء ولو