اعتبارها في
البرهان و الجدل باعتبارين
(1) و هذا في
غاية القوة و إن استغربه المحقق الإصفهاني، و ذهب إلي أن حسن العدل و قبح الظلم من
المشهورات بالمعني الخاص (2) و عليه فالجواب عن شبهة الأشاعرة هو ما عرفت في الجواب الثاني،
من أن التحسين و التقبيح قد يكونان ذاتيين كحسن العدل و قبح الظلم، فهما ليسا إلاّ
من العقل البديهي ولا يختلفان ولا يتغيران، كسائر الأحكام البديهية العقلية،
فالظلم باعتبار اشتماله علي النقص و المنافرة و تضييع حقوق الآخرين، محكوم بالقبح،
و هكذا العدل باعتبار اشتماله علي الكمال و الملايمة و مراعاة حقوقهم محكوم
بالحسن، ولا تبدل ولا تغير في هذا الحكم؛ لأن العدل والظلم من العناوين التي تكون
محسنة أو مقبحة ذاتاً و إليه يؤول قول الشيخ الأعظم الأنصاري ـ قدّس سرّه ـ من أن
الظلم علة تامة للقبح (3).
نعم ربما لايكون
بعض العناوين من العناوين المحسنة، أو المقبحة ذاتاً، فحينئذٍ يكون الحكم بالحسن
أو القبح في مثله عرضياً كاتصاف الصدق بالحسن و الكذب بالقبح؛ لأن الاتصاف المذكور
ليس ذاتياً له، بل باعتبار إنطباق عنوان آخر عليه، وهذا الحكم العرضي يختلف
بالوجوه و الاعتبارات العارضة، ولكن التغير في ناحية المنطبق عليه العنوان لا نفس
الحكم العقلي الكلي إذ المتغير في الحقيقة هو المنطبق عليه العدل لا حكم العدل،
فالتغير من باب تبدل الموضوع ـ كالمسافر و الحاضر ـ فإن الصدق ما لم تنضم إليه جهة
القبح يقتضي الحسن؛ لكونه مصداقاً للعدل في القول، فإذا انضم إليه جهة القبح