له. و يفتتح الکتاب رسائلهم بالبسملة و نحوها و بالسلام و الشوق الي المرسل اليه و بما قد يشعر بالمراد کما هو المألوف عند اصحاب الرسائل في العصور المتقدمة. ولکن ينبغي للخطيب أو الکاتب اذا رأي ان التصدير مما لا بد منه ان يلاحظ فيه أمرين:
1- ألا يفتتح خطابه بما ينفر المخاطبين أو يثير سخطهم کأن يأتي مثلا بما يشعر بالتشاؤم في موضع التهنئة و الفرح و السرور أو ما يشعر بالسرور في موضع التعزية و الحزن أو يعبر بما يشعر بتعاظمه علي المخاطبين و نحو ذلک.
2- ان يحاول الاختصار جهد الامکان بشرط ان يورده بعبارة مفهمة متينة فان الاطالة في التصدير يضجر المخاطبين فينتقض عليه الغرض قبل الوصول الي مطلوبه الا اذا کان استدراجه لهم يتوقف علي الاطالة کما لو أراد أن يذم خصما او فعلا او يثني علي نفسه او رأيه. و علي کل حال ان التصدير بالکلام المکرر المألوف أو الطالته بالکلام الفارغ من اشنع ما يصنعه بعض الخطباء و الکتاب و هو علي العجز اکثر منه دليلا علي المقدرة کما ان الافضل في الاعتذار ان يترک التصدير اصلا. لانه قد يثير الظن بانه يريد التعلل و التهرب من الجواب و الدفاع.
الثاني (الاقتصاص) و هو ما يذکر بيانا علي التصديق بالمطلوب و شارحا له بقصة صغيرة تؤيده فان القصة من أروع ما يعين علي الاقناع و يقرب الغرض الي الاذهان و کأنها من أقوي الادلة عليه لا سيما عند العامة. و اصبحت القصة في العصور الاخيرة أدباً و فنا قائما برأسه يستعين بها دعاة الافکار الحديثة
