• مشکی
  • سفید
  • سبز
  • آبی
  • قرمز
  • نارنجی
  • بنفش
  • طلایی
 
 
 
 
 
 

ووَجَبَ أن يُحْسِنَ صُحْبَةَ نِعْمَةِ اللهِ ويُكْرِمَها وَيَرْفَقَ بها وإن كانَ حَقُّكَ عليها أغْلَظَ وطاعتُكَ بِها ألْزَمَ فيما أحْبَبْتَ وكَرِهْتَ مالَمْ تَكُنْ مَعصِيةً، فَإنَّ لَها حَقَّ الرَّحْمَةِ وَالمؤانَسَةِ. ومَوْضِعُ السّكونِ إلَيها قَضاءُ اللَّذَّةِ الَّتي لابُدَّ مِنْ قَضائِها، وَذلِكَ عَظيمٌ، وَلا قُوَّةَ إلاّ بِاللهِ.

20. وأمّا حَقُّ رَعِيَّتِكَ بِمِلْكِ الَيمينِ فَأنْ تَعْلَمَ أنـَّهُ خَلْقُ رَبِّكَ ولَحْمُكَ ودَمُكَ، وأنَّكَ تَمْلِكُهُ، لا أنْتَ صَنَعْتَهُ دونَ اللهِ ولا خَلَقْتَ لَهُ سَمْعاً ولا بَصَراً ولا أجْرَيْتَ لَهُ رِزقاً ولكِنَّ اللهَ كَفاكَ ذلِكَ. ثُمَّ سَخَّرَهُ لَكَ وَائْتَمَنَكَ عَلَيْهِ وَاسْتَوْدَعَكَ إيّاهُ ; لِتَحْفَظَهُ فيه وتَسِيرَ فيهِ بِسيرَتِه، فَـتُـطْعِمَهُ مِمّا تأكُلُ وتُلْبِسَهُ مِمّا تَلْبَسُ ولا تُكلِّفَهُ مالا يُطيقُ، فَإنْ كَرِهْتـَ [ـهُ] خَرَجْتَ إِلَى اللهِ مْنهُ وَاسْتَبْدَلْتَ بِه. ولَمْ تُعَذِّبْ خَلْقَ اللهِ، وَلا قُوَّة إلاّ بِاللّهِ.

وأمّا حقُّ الرَّحِمِ

21. فحقُّ أُمّكَ فأنْ تَعْلَمَ أنَّها حَمَلَتْكَ حَيْثُ لا يَحمل أحَدٌ أحَداً وأطْعَمَتْكَ مِنْ ثَمَرَةِ قَلْبِها مالا يُطْعِمُ أحَدٌ أحَداً، وَأنَّها وَقَتْكَ بِسَمْعِها وبَصَرِها وَيَدِها ورِجْلِها وشَعْرِها وبَشَرِها وجَمِيع جَوارِحِها مُسْتَبْشِرةً بِذلِكَ، فَرِحَةً مُوابِلَةً مُحْتَمِلَةً لِما فيهِ مَكْرُوهُها وأَلَمُها وَثِقْلُها وغَمُّها حَتّى دَفَعَتْها عَنْكَ يَدُ القُدْرَةِ وأخْرَجَتْكَ إِلَى الأرْضِ فَرَضِيَتْ أنْ تَشْبَعَ وَتَجُوع هِيَ وَتَكْسُوَكَ وتَعْرى وتَرْوِيَكَ وتَظْمَأ وتُظِلَّكَ وتَضْحى وتُنَعِّمَكَ بِبُؤْسِها وتُلَذِّذَكَ بِالنَّوْمِ بِأَرَقِها وكانَ بطْنُها لَكَ وِعاءً، وحِجرُها لَكَ حِواءً وَثَدْيُها لكَ سِقاءً ونَفْسُها لكَ وِقاءً، تُباشِرُ حَرَّ الدُّنيا وبَردَها لَكَ ودُونَكَ، فَتَشْكُرها على قَدْرِ ذلكَ، ولا تَقْدِرُ عَلَيْهِ إلاّ بِعَوْنِ اللهِ وتَوْفيقِه، [ ولا قوّة إلاّ بالله] .

22. وأمّا حقُّ أبيكَ فَتَعلَمَ أنـّهُ أصلُكَ وأنَّكَ فَرْعُهُ وأنَّكَ لَولاهُ لَمْ تَكُنْ، فَمَهْما رأيْتَ في نَفْسِكَ ممّا يُعْجِبُكَ فَاعلَمْ أنَّ أباكَ أصْلُ النِّعْمَةِ عليكَ فيه، وَاحْمَدِ اللهِ وَاشْكُرْهُ على قَدْرِ ذَلكَ، [ولا قوَّة إلاّ بالله].

23. وأمّا حقُّ وَلَدِكَ فَتَعْلَمَ أنـّهُ مِنْكَ ومُضافٌ إليكَ في عاجِلِ الدُّنيا بِخَيْرِه وشَرِّه، وأنَّك مَسْؤُولٌ عمّا وُلّيتَهُ مِنْ حُسْنِ الأدَبِ وَالدَّلالَةِ على رَبِّه والمَعُونَةِ لَهُ عَلى طاعَتِه فيكَ وفي نَفْسِه، فَمُثابٌ على ذلِكَ وَمُعاقَبٌ، فَاعْمَلْ في أمْرِه عَمَلَ المُتَزَيِّنِ بِحُسْنِ أثَرِه عَلَيْهِ في عاجل الدُّنيا،