والبعيدة ما كانت بينها وبين معلولها واسطةٌ كعلّة العلّة.
وتنقسم ايضاً إلى داخليّة وخارجيّة، فالداخليّة هي المادّة بالنسبة إلى المركّب منها ومن الصورة - وهي التي بها الشي ء بالقوّة - والصورة بالنسبة إلى المركّب - وهي التي بها الشي ء بالفعل - وتسمَّيان «علّتي القوام»؛
والخارجيّة هي الفاعل - وهو الذي يصدر عنه المعلول - والغاية - وهي التي يصدر لأجلها المعلول - وتسمّيان: «علّتي الوجود»، وسيأتي بيانها.
وتنقسم أيضاً إلى علل حقيقيّةٍ وعلَلٍ مُعِدّةٍ. وشأن المعدّات تقريب المادّة إلى إفاضة الفاعل باعدادها لقبولها، كانصرام القطعات الزمانيّة المقرِّبة للمادّة إلى حدوث ما يحدث فيها من الحوادث.
الفصل الثالث: في وجوب وجود المعلول عند وجود علّته التامّة و وجوب وجود العلّة عند وجود معلولها
وهذا وجوبُ بالقياس، غير الوجوب الغيريّ الّذى تقدّم في مسألة: «الشي ء ما لم يجب لم يوجد».
أمّا وجوب وجود المعلول عند وجود علّته التامّة، فلأنّه لو لم يجب وجوده عند وجود علّته التامّة لجاز عدمه، ولو فرض عدمه مع وجود العلّة التامّة، فإمّا أن تكون علّةُ عدمه - وهي عدم العلّة - متحقّقةً وعلّةُ وجوده موجودةً، كان فيه إجتماع النقيضَين وهما علّة الوجود وعدمها، وإن لم تكن علّةُ عدمه متحقّقةً كان في ذلك تحقّقُ عدمه من غير علّةٍ، وهو محال.