الأمر الأوّل: تعريف المفهوم و المنطوق:
إنّ مداليل الجمل علي قسمين:
قسم يصفه العرف بأنّ المتکلّم نطق به، و قسم يفهم من کلامه ولکن لا يوصف بأنّ المتکلّم نطق به، ولأجل اختلاف المدلولين في الظهور و الخفاء ليس للمتکلّم إنکار المدلول الأوّل بخلاف المدلول الثاني، فإذا قال المتکلّم، إذا جاءک زيد فأکرمه فإنّ هنا مدلولين.
د هما
وجوب الإکرام عند المجيء، و هذا ممّا نطق به المتکلّم و ليس له الفرار منه، ولا إنکاره.
لآخر
عدم وجوب الإکرام عند عدم المجيء، و هذا يفهم من الکلام و بإمکان المتکلّم التخلّص عنه بنحو من الأنحاء.
فالأوّل مدلول منطوقي، و الثاني مدلول مفهومي، و لعل ما ذکرناه هو مراد الحاجبي من تعريفه للمنطوق و المفهوم بقوله:
منطوق
ما دلَّ عليه اللّفظ في محل النطق.
لمفهوم
ما دلَّ عليه اللّفظ في غير محل النطق.[36]
و الحاصل انّ ما دل عليه اللفظ في حد ذاته علي وجه يکون اللفظ حاملاً لذلک المعني و قالباً له فهو منطوق.
و ما دلّ عليه اللّفظ علي وجه لم يکن اللّفظ حاملاً و قالباً للمعني ولکن دلّ عليه باعتبار من الاعتبارات فهو مفهوم.