فصل الرابع
التمسّک بالعام قبل الفحص عن المخصص
إنّ ديدَن العقلاء في المحاورات العرفية هو الإتيان بکلّ ما له دخل في کلامهم و مقاصدهم من دون فرق بين القضايا الجزئية أو الکلية، و لذا يتمسّک بظواهر کلامهم من دون أيِّ تربص.
و أمّا الخطابات القانونية التي ترجع إلي جَعْل القوانين و سَنِّ السُّنن سواء کانت دولية أو إقليمية، فقد جرت سيرة العقلاء علي خلاف ذلک، فتراهم يذکرون العام و المطلق في باب، و المخصص و المقيد في باب آخر، کما أنّهم يذکرون العموم و المطلق في زمان، و بعد فترة يذکرون المخصِّص و المقيِّد في زمان آخر.
و قد سلک التشريع الإسلامي هذا النحو فتجد ورود العموم في القرآن أو کلام النبي صلي الله عليه و آله و سلّم و المخصص و المقيد في کلام الأوصياء مثلاً و ما هذا شأنه لا يصحّ فيه عند العقلاء التمسک بالعموم قبل الفحص عن مخصصاته أو بالمطلق قبل الفحص عن مقيداته.