العامة اذا کان قليل الثقافة و المعرفة هو أبعد ما يکون عن الاقتناع بالطريق البرهانية او الجدلية بل اکثر الخاصة المثقفين و ان ظنوا في انفسهم المعرفة و حرية الرأي ينجذبون الي الطرق المقنعة المؤثرة علي العواطف و ينخدعون بها. بل لا يستغنون عنها في کثير من آرائهم و اعتقاداتهم بالرغم علي قناعتهم بمعرفتهم و ثقافتهم التي قد يتخيلون انهم قد بلغوا بها الغاية.
فيجب أن تکون المخاطبة التي يتلقاها الجمهور و العامي و شبهه من نوع لا تکون مرتفعة ارتفاعا بعيدا عن درجة مثله. و لذا قيل: «کلم الناس علي قدر عقولهم».
و لم تبق لنا صناعة تناسب هذا الغرض غير صناعة الخطابة فان الاسلوب الخطابي أحسن شيء للتأثير علي الجمهور و العامي. و کل شخص استطاع ان يکون خطيبا بالمعني المقصود من الخطابة في هذا الفن فانه هو الذي يستطيع ان يستغل الجمهور و العوام و يأخذ بأيديهم الي الخير او الشر.
فهذا وجه حاجتنا معاشر الناس الي صناعة الخطابة و لزم علي من يريد قيادة الجمهور الي الخير ان يتعلم هذه الصناعة و هي عبارة عن معرفة طرق الاقناع.
فان الخطابة انجح من غيرها في الاقناع کما ان الجدل في الالزام انفع.
2-وظائف الخطابة و فوائدها
مما تقدم نستطيع ان نعرف أن وظائف الخطابة هو الدفاع عن الرأي و تنوير الرأي العام في أي امر من الامور و الحض علي الاقتناع بمبدأ من المباديء و التحريض علي اکتساب الفضائل و الکمالات و اجتناب الرذائل والسيئات