المبحث الاول - الاصول و القواعد
1- وجه الحاجة الي الخطابة
کثيرا ما يحتاج المشرعون ودعاة المباديء و السياسيون و نحوهم الي اقناع الجماهير فيما يريدون تحقيقه اذ تحقيق فکرتهم او دعوتهم لاتتم الا برضا الجمهور عنها و قناعتهم بها.
و الجمهور لا يخضع للبرهان ولا يقنع به کما لا يخضع للطرق الجدلية لان الجمهور تتحکم به العاطفة أکثر من التعقل و التبصر بل ليس له الصبر علي التأمل و التفکير و محاکمة الادلة و البراهين و انما هو سطحي التفکير فاقد للتمييز الدقيق. تؤثر فيه المغريات و تبهره العبارات البراقة و تقنعه الظواهر الخلابة. و لعدم صبره علي التمييز الدقيق نجده اذا عرضت عليه فکرة لا يتمکن من التفکيک بين صحيحها و سقيمها فيقبلها کلها أو يرفضها کلها.
و عليه فيحتاج من يريد التأثير علي الجماهير في اقناعهم أن يسلک مسلکا آخر غير مسلک البرهان و الجدل المتقدمين فان الذي يبدو أن الطرق العقلية عاجزة عن التأثير علي عقائد الناس و تحويلها لعجزها عن التأثير علي عواطفهم المتحکمة فيهم. بل لا يقتصر هذا الامر علي الجمهور بما هو جمهور فان کل فرد من أفراد