3- إنه تقدم في البحث السابق ان البرهان واحد في کل مسألة لا يمکن أن يقيمه کل من الفريقين المتنازعين. اما الجدل فانه يمکن أن يستعمله الفريقان معاً ما دام الغرض منه إلزام الخصم وافحامه لا الحق بما هو حق و ما دام انه يعتمد عي المشهورات و المسلمات التي قد يکون بعضها في جانب الاثبات و بعضها الآخر في عين الوقت في جانب النفي. بل يمکن لأحد الفريقين أن يقيم کثيرا من الادلة الجدلية بلا موجب للحصر علي رأي واحد بينما ان البرهان لايکون الا واحدا لا يتعدد في المسألة الواحدة و ان تعدد ظاهرا بتعدد العلل الاربع علي ما تقدم في بحث البرهان.

4- إن صورة البرهان لا تکون الا من القياس علي ما تقدم في بحث البرهان اما المجادل فيمکن أن يستعمل القياس و غيره من الحجج کالاستقراء و التمثيل فالجدل أعم من البرهان من جهة الصورة غير ان أکثر ما يعتمد الجدل علي القياس والاستقراء.

4- تعريف الجدل

و يظهر بوضوح من جميع ما تقدم صحة تعريف فن الجدل بما يلي:

(انه صناعة علمية يقتدر معها حسب الامکان علي اقامة الحجة من المقدمات المسلمة علي أي مطلوب يراد و علي محافظة أي وضع يتفق علي وجه لا تتوجه عليه مناقضة). و إنما قيد التعريف بعبارة (حسب الامکان) فلاجل التنبيه علي أن عجز المجادل عن تحصيل بعض المطالب لا يقدح في کونه صاحب صناعة کعجز الطبيب